لا شك فيه ، وإليك أدلة هذا الرأي :
١ ـ إن حملات قريش المتتابعة على المسلمين ، والتحريكات الداخلية والخارجية التي أشرنا إليها في حوادث « احد » و « الاحزاب » على نحو الاختصار ، لم تترك للنبي صلىاللهعليهوآله فرصة لنشر الاسلام بين القبائل ، وفي المناطق المختلفة خارج شبه الجزيرة العربية.
من هنا كان صلىاللهعليهوآله يصرف اكثر اوقاته الثمينة في الدفاع والعمل على إفشال المؤامرات الخطرة التي كان العدوّ الداخلي والخارجيّ يحيكها باستمرار.
ولكن النبي صلىاللهعليهوآله فرغ باله بعد عقد صلح الحديبية مع قريش من ناحية الجنوب ، فتهيّأت الأرضية لانتشار الاسلام في المناطق الاخرى.
وقد ظهر أثر هذا الهدوء والاستقرار بعد سنتين من عقد تلك المعاهدة ، فقد كان مع رسول الله صلىاللهعليهوآله في الحديبية ألف وأربعمائة ولكنه عند ما توجّه إلى مكة لفتحها بعد عامين خرج معه عشرة آلاف ، وكان هذا التفاوت من نتائج صلح الحديبية مباشرة ، لأن بعض الناس كانوا يخشون قريشا فلا يلتحقون بالمسلمين لذلك السبب ، ولكن بعد أن اعترفت قريش بالكيان الاسلاميّ بصورة رسمية ، وأعطيت للقبائل الحرية الكاملة للانضمام إلى المسلمين زال الخوف المذكور عن كثير من القبائل ، فاستطاع المسلمون أن يستغلوا تلك الفرصة ويقوموا بنشاط تبليغي ودعوة واسعة إلى الاسلام.
٢ ـ إن النتيجة الثانية التي حصل عليها المسلمون من هذه المعاهدة هي زوال الستار الحديدي الذي كان قد ضربه المشركون بين الناس وبين الاسلام ، فقد سمح ذلك الصلح بالسفر الى المدينة فكان الناس في سفرهم الى المدينة يحتكون بالمسلمين ويلتقون بهم ، فيتعرفون على تعاليم الاسلام السامية.
ولقد أثار نظم المسلمين ، واخلاصهم ، وطاعة المؤمنين الكاملة لرسول الله صلىاللهعليهوآله إعجاب المشركين كما أثارت نظافة المسلمين ، في أوقات الصلاة خاصة ، وصفوفهم المتلاحمة أثناء هذه العبادة المباركة ، وخطب رسول الله