ينصرف معهما إلى كسرى أو أن يجبراه على الرجوع الى دين آبائه وان أبى قتلوه وأرسلوا برأسه الى الملك حسب رواية ابن حجر في الاصابة.
إن رسالة كسرى إلى « باذان » يكشف عن جهل هذا الحاكم ، وعدم معرفته بما كان يجري في بلاده ومستعمراته ، فقد بلغ من جهله أنه لم يكن يعلم أن هذا الرجل الذي يدّعي النبوة (١) قد مضى على ادعائه النبوة أكثر من ١٩ عاما.
ثم إن الذي ادعى النبوة في منطقة نائية ، وانتشر دينه ، وأصبح من القوة والشوكة بحيث يجرأ على مراسلة الامبراطور ، ودعوته إلى دينه لا يمكن أخذه واحضاره إلى اليمن بواسطة رجلين. وأن الأمر ـ بالتالي ـ لن يتم بمثل هذه السهولة ، والبساطة ، التي تصورها.
وعلى كل حال لما قدم مبعوثا « باذان » المدينة ودخلا على رسول الله صلىاللهعليهوآله قدّما رسالة « باذان » إليه صلىاللهعليهوآله وقالا : لقد بعثنا « باذان » إليك لتنطلق معنا ، فان فعلت كتب فيك إلى ملك الملوك بكتاب ينفعك ، ويكف عنك به ، وإن أبيت فهو من قد علمت ، فهو مهلكك ومهلك قومك ومخرب بلادك.
وكانا قد دخلا على رسول الله صلىاللهعليهوآله وقد حلقا لحاهما وأطلقا شواربهما ، فاستمع رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى كلامهما ، وقبل أن يجيب على مطلبهما دعاهما إلى الاسلام ، وقد كره النظر إليهما لما كانا عليه من الهيئة فقال لهما : من أمركما بهذا؟! قالا : أمرنا بهذا ربّنا ( يعنيان كسرى ) فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله :
« لكنّ ربّي أمرني بإعفاء لحيتي وقصّ شاربي » (٢).
فأرعبتهما هيبة رسول الله صلىاللهعليهوآله وجلال محضره ، بحيث أخذا
__________________
(١) حسب تعبير كسرى.
(٢) الكامل في التاريخ : ج ٢ ص ١٤٦.