وشعبان (١).
٨ ـ وفي شهر رجب من السنة الثانية للهجرة بعث رسول الله صلىاللهعليهوآله « عبد الله بن جحش » على رأس ثمانية رجال من المهاجرين لملاحقة قافلة قريش التجارية ، وقد كتب له كتابا بالمهمة الّتي يجب ان ينفّذها ، وأمره أن لا ينظر فيه قائلا له :
« قد استعملتك على هؤلاء النفر فامض حتّى إذا سرت ليلتين فانشر ( إي افتح ) كتابي ثم امض ( اي نفّذ ) لما فيه ».
ثم عيّن له رسول الله صلىاللهعليهوآله الوجهة التي يجب أن يتوجّه إليها.
فانطلق عبد الله ورفقاؤه وساروا يومين كاملين كما أمرهم رسول الله صلىاللهعليهوآله ثم فتح عبد الله كتاب النبيّ صلىاللهعليهوآله وقرأ ما فيه ، فاذا فيه :
« إذا نظرت في كتابي هذا فامض حتّى تنزل نخلة بين مكّة والطائف على اسم الله وبركته فترصّد بها قريشا ، وتعلّم ( أي حصّل ) لنا من أخبارهم ولا تكرهنّ أحدا من أصحابك (٢) وامض لأمري فيمن تبعك ».
فلما قرأ الكتاب قال لاصحابه : قد أمرني رسول الله صلىاللهعليهوآله أن امضي إلى نخلة أرصد بها قافلة قريش حتّى آتيه منهم بخبر ، وقد نهاني أن استكره أحدا منكم ، فمن كان منكم يريد الشهادة ويرغب فيها فلينطلق ، ومن كره ذلك فليرجع فأمّا أنا فماض لأمر رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ومن أراد الرجعة فمن الآن.
__________________
(١) السيرة النبوية : ج ١ ص ٦٠١ ، الطبقات الكبرى : ج ٢ ص ٩ ، وقد عدّ بعض المؤرخين هذه الحادثة ضمن الغزوة التي عرفت في التاريخ باسم غزوة صفوان أو غزوة بدر الاولى.
(٢) يقال إنه كان الجنود ـ الى حين الحرب العالمية الثانية ـ إذا انتهوا من خدمتهم العسكرية تسلّم إليهم مع وثيقة الانتهاء من الخدمة العسكرية رسالة مغلقة مختومة يؤمر الجندي فيها بالمحافظة عليها كأمانة عسكرية لا يجوز له فتحها إلاّ عند حالات النفير العام ، والعمل بمضمونها وقد سبق النبيّ صلىاللهعليهوآله إلى هذا التكتيك العسكريّ في أعماله النظامية.