ثلاثة أيام ، فاستغلّ « شجاع » هذه الفرصة وصادق فيها حاجب الأمير الغساني فكان يحدّثه عن صفة رسول الله صلىاللهعليهوآله وأخلاقه وما يدعو إليه من العقيدة الطاهرة ، فأثّرت كلمات « شجاع » تأثيرا عجيبا في نفس ذلك الحاجب الذي كان روميّا حتى أنه رقّ وغلبه البكاء وقال : إنّي قرأت الإنجيل وأجد صفة هذا النبي بعينه ، وأنا أومن به واصدّقه ، وأخاف من « الحارث » أن يقتلني اذا عرف باسلامي وكان يكرم سفير النبي صلىاللهعليهوآله ويحسن ضيافته طوال تلك المدة ، ويقول إن الحارث يخاف قيصر أيضا.
ثم لما خرج « الحارث » ذات يوم وجلس على عرشه أذن لسفير النبي صلىاللهعليهوآله بالدخول عليه ، فلما مثل بين يديه دفع إليه كتاب رسول الله صلىاللهعليهوآله فقرأه وكان نصّه كالتالي :
« بسم الله الرّحمن الرّحيم من محمّد رسول الله إلى الحارث بن أبي شمر ، سلام على من اتبع الهدى ، وآمن به وصدّق ، وإني أدعوك أن تؤمن بالله وحده لا شريك له يبقى ملكك ».
فانزعج الحارث ممّا قرأ في آخر الكتاب ورمى به جانبا ، وقال : من ينتزع مني ملكي؟ أنا سائر إليه ، ولو كان باليمن جئته ، عليّ بالناس.
وبهذا أمر بإعداد العسكر حالا ليستعرض قوته العسكرية أمام سفير النبي إرعابا وتخويفا له. ولاجل أن يظهر نفسه بمظهر المدافع عن ملك قيصر بادر إلى كتابة رسالة الى « قيصر » يخبره فيها بما عزم عليه من غزو رسول الله صلىاللهعليهوآله !!
واتفق أن وصلت رسالة الامير الغساني إلى « قيصر » في الوقت الذي كان فيه « دحية الكلبي » سفير النبي إلى الروم في مجلس قيصر ، وكان « قيصر » يحاوره ، ويسأله عن رسول الله صلىاللهعليهوآله وعن صفته ودينه ، فانزعج « قيصر » من مبادرة الحاكم الغساني العجولة وكتب إليه يمنعه عن السير إلى رسول الاسلام طالبا منه أن يلتقي به في مدينة « ايليا ».