صلىاللهعليهوآله ينوون ملافاة ما خسروه ، رغم أنّ ثرواتهم وممتلكاتهم كانت قد صودرت من قبل المكيين ، ويدل على ذلك أنهم لم يتعرضوا بعد معركة « بدر » لأيّة قافلة تجارية لقريش.
كيف لا وقد كان الهدف وراء أكثر هذه البعوث والارساليات العسكرية هو تحصيل وجمع المعلومات ، عن العدوّ وتحركاته وخططه ، والمجموعات التي لم يكن يتجاوز عدد أفرادها غالبا الثمانية أو الستين أو الثمانين رجلا لا يمكنها قطع الطريق ، واستلاب الاموال ، ومصادرة القوافل التجارية الكبرى التي كان يقوم بحراستها رجال أكثر عددا وأقوى عدّة من تلك السرايا ، بأضعاف المرات غالبا.
فاذا كان الهدف هو الحصول على المال والثروة من هذا الطريق فلما ذا خصّت قريش بذلك ، ولم يعترض المسلمون تجارة غيرهم من القبائل المشركة؟ ولما ذا لم يمس المسلمون شيئا من أموال غير قريش.
واذا كان الهدف هو الغارة ، وقطع الطريق واستلاب الأموال ، فلما ذا كان النبيّ صلىاللهعليهوآله يبعث المهاجرين فقط ، ولا يستعين بأحد من الأنصار في هذا المجال غالبا؟
وربما قال هؤلاء المستشرقون : ان المقصود من هذه العمليات الاعتراضية كان هو الانتقام من قريش ، لأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله وأصحابه تعرّضوا على أيدي المكيين لألوان التعذيب والاضطهاد والأذى ، فدفعتهم غريزة الانتقام والثأر ـ بعد أن حصلوا على القوة ـ الى تجريد سيوفهم ، للانتقام من الذين طالما اضطهدوهم ، وليسفكوا منهم دما!!
ولكن هذا الرأي لا يقل في الضعف والوهن والسخافة عن سابقه ، لأنّ الشواهد والقرائن التاريخية الحيّة العديدة ، تكذّبه وتفنّده ، وتوضّح ـ بجلاء ـ أن الهدف من بعث تلك السرايا والدوريات العسكرية لم يكن أبدا القتال والحرب ، والانتقام وسفك الدماء.
وإليك ما يدلّ على بطلان هذه النظرية :