ولقد كان تجميع هذا القدر الهائل من الجنود والمقاتلين لمواجهة جيش يقلّ عددا بكثير عن هذا القدر نابعا من الانباء التي بلغت قادة الروم والشام عن فتوحات المسلمين وانتصاراتهم الساحقة ، وعن الوقوف على شجاعتهم وبسالتهم التي ذاع صيتها ، وإلاّ فان عشر هذا العدد ، ( أي عشرون ألف ) يكفي لمواجهة ثلاثة آلاف مقاتل مهما كانت شجاعة هؤلاء.
كما أنه لدى المقارنة بين العسكرين كان الجيش الاسلامي أضعف من جيش الروم بكثير ، سواء من ناحية العتاد ، أو من ناحية المعرفة بفنون القتال وتكتيكاته العسكرية ، لان القادة العسكريين الروم كانوا قد كسبوا خبرة حربية واسعة نتيجة المشاركة في الحروب العديدة والطويلة التي دارت بين الروم وبين ايران ، وعرفوا بالتالي مفاتيح الانتصار ، بينما كانت معلومات الجيش الاسلامي الناشئ معلومات بدائية وبسيطة في هذا المجال.
هذا مضافا إلى عدم وجود التكافؤ بين الجيش الاسلامي والجيش الروماني في نوعية المعدّات الحربية والاجهزة القتالية ووسائل النقل وما شابه ذلك.
وفوق هذا وذلك فان القوّة الاسلامية كانت تحارب في أرض غريبة عليها ، وتقوم بدور المهاجم ، بينما كان الرومان يقاتلون في بلادهم دفاعا وهم يتمتعون بجميع مستلزمات القتال ومتطلبات الحرب.
وفي مثل هذه الحالة يجب ان تكون القوة المهاجمة قوية جدا ، بحيث يمكنها ملاقاة سلبيات الظروف غير المساعدة.
ومع هذا فإننا سنرى عما قريب كيف أن قادة الجيش الاسلامي قاوموا وآثروا الصمود والقتال على الهروب والفرار مع انهم كانوا يرون الموت على بعد أقدام معدودة منهم ، وبهذا أضافوا إلى أمجادهم أمجادا اخرى ، وسطروا اسطرا اخرى في سجلّ بطولاتهم.
منذ أن ورد المسلمون المناطق الحدودية للشام عرفوا باستعدادات العدوّ العريضة ، وحجم قدراته العسكرية الواسع فشكّلوا من فورهم شورى عسكرية