لاغتياله بالهجوم عليه في منزله ليلا ، وتقطيعه بالسيوف إربا إربا ، ها هم الآن يرون أنفسهم أسرى في قبضته ، وهو صلىاللهعليهوآله قادر على أن ينتقم منهم كيفما شاء!!
إن من الطبيعي أن يتحدث أهل مكة في أنفسهم وهم يتذكّرون معاداتهم الشديدة والطويلة لرسول الله صلىاللهعليهوآله وجرائمهم الكبرى بحقه ، وبحق دعوته ويقول بعضهم : أنه سيقتلنا حتما ، أو يقتل فريقا منا ، ويحبس آخرين ، ويسبي ذريتنا ونساءنا ، جزاء ما فعلنا.
وبينما كانوا ـ في تلك اللحظات ـ فريسة هذه الافكار والتصورات الشيطانية ، كسر رسول الله صلىاللهعليهوآله جدار الصمت الرهيب الذي يخيم على أرجاء المسجد الحرام وقال سائلا :
« ما ذا تقولون ... وما ذا تظنون؟! ».
فقال أهل مكة : وقد تملّكتهم حيرة شديدة ، وخوف عظيم وهم قد عرفوا رحمة النبي ورأفته ، ولطفه لطفه ، وخلقه العظيم : نقول خيرا ، ونظن خيرا ، أخ كريم ، وابن أخ كريم ، وقد قدرت.
فقال رسول الله ونبي الرحمة صلىاللهعليهوآله ، وقد سمع هذه العبارات العاطفية :
« فاني أقول لكم كما قال أخي يوسف « قال لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين » (١).
وكان أهل مكة قد اطمأنّوا إلى عفو النبي وصفحه قبل ذلك نوعا ما عند ما رأوا ردّ فعله الشديد على أحد قادة جيشه عند ما أخذ ينادي حين دخول مجموعته العسكرية مكة من احدى مداخلها :
اليوم يوم الملحمة |
|
اليوم تسبى الحرمة |
__________________
(١) المغازي : ج ٢ ص ٨٣٥ ، بحار الأنوار : ج ٢١ ص ١٠٧ و ١٣٢ والآية المذكورة هي ٩٢ من يوسف.