بالفروسية والشجاعة يدعى « مالك بن عوف النصري ».
وقد تقرّر بعد سلسلة من الاتصالات والمداولات بين زعماء هوازن وثقيف أن تبادر القبيلتان المذكورتان الى توجيه ضربة قوية الى جيش الاسلام عبر خدعة عسكرية ، قبل أن يغزوها جنود الاسلام في عقر دورها.
فقد اختارت لقيادة هذه المهمة شابا متهورا في العقد الثالث من عمره هو مالك بن عوف النصرى الذي أشرنا إليه عما قريب ، واشترك في هذه الغزوة جميع قبائل هوازن وثقيف بصورة موحّدة.
فكان من تدبير هذا القائد أن اقترح على جيشه أن يجعلوا النساء والاطفال والاموال وراء ظهورهم وعند ما سألوه عن علة ذلك الاجراء قال : اردت من جعل كل رجل أهله وماله وولده ونساءه خلفه حتى يقاتل عنهم (١).
فقبل المشتركون في تلك العملية بأمر قائدهم هذا بالاجماع ، وجعلوا أموالهم وأهليهم خلفهم.
وقد خالف شيخ مجرب حنّكته الحروب منهم يدعى « دريد بن الصمة » هذه الخطة عند ما سمع رغاء البعير ، وثغاء الشاء ، وخوار البقر ، وبكاء الصغير ، وجادل فيها مالكا ، واعتبرها خطة فاشلة من الناحية العسكرية وقال للناس : يا قوم إن هذا فاضحكم في عورتكم ، وممكّن منكم عدوّكم ، وهل يرد المنهزم شيء؟
ولكن مالكا لم يعر كلام هذا الشيخ ونصيحته اهتماما وقال : ـ وهو يتهمه بالجهل بفنون القتال الحديثة ـ : أنك قد كبرت ، وكبر علمك ، وحدث بعدك من هو أبصر بالحرب منك.
ولقد اثبت المستقبل صحة ما قاله ذلك الشيخ المحنّك فان إشراك النساء والاطفال والانعام في الحرب ، وإخراجهم إلى ساحة القتال أحدث لمقاتلي
__________________
(١) المغازي : ج ٣ ص ٨٩٧.