وقد كان لهذا العطاء السخيّ أثره الطيب والبالغ في نفوس تلك الجماعة التي شملها رسول الله صلىاللهعليهوآله برحمته ، ولطفه ، وعنايته ، وكرمه ، واشتدت رغبتهم في الاسلام.
وهذا الفريق هم من يصطلح عليهم في الفقه الاسلامي بالمؤلفة قلوبهم ، وهم يشكّلون إحدى مصارف الزكاة بنص القرآن الكريم.
ويقول ابن سعد في الطبقات الكبرى بعد ان ذكر قصة هذا التقسيم الخاص للغنائم : وأعطى ذلك كله من الخمس وهو أثبت الاقاويل عندنا (١).
ولقد شق هذا النوع من الاسلوب في تقسيم الغنائم وهذا النمط من البذل الذي مارسه رسول الله صلىاللهعليهوآله ، شقّ على بعض المسلمين ، وبخاصة الانصار وقد جهلوا بالمصالح التي كان يراعيها ، والأهداف العليا التي كان يتوخّاها رسول الله صلىاللهعليهوآله من هذا النوع من البذل والعطاء ( وهو تخصيص حديثي العهد بالاسلام باكثر الغنائم ).
لقد كانوا يتصورون ان التعصب القبلي هو الذي دفع بالرسول القائد صلىاللهعليهوآله إلى أن يقسم خمس الغنيمة بين أبناء قبيلته حتى أن احدهم ( وهو ذو الخويصرة التميمي ) قال لرسول الله صلىاللهعليهوآله بكل وقاحة : يا محمّد قد رأيت ما صنعت في هذا اليوم ، لم أرك عدلت!!
فغضب رسول الله صلىاللهعليهوآله من كلامه هذا وقال :
« ويحك إذا لم يكن العدل عندي فعند من يكون »؟!
فطلب عمر بن الخطاب من رسول الله صلىاللهعليهوآله أن يأذن له بقتله ، فلم يأذن له النبي وقال صلىاللهعليهوآله :
« دعه فانّه سيكون له شيعة يتعمّقون في الدين ( أي يتتبّعون أقصاه ) حتى
__________________
(١) الطبقات الكبرى : ج ٣ ص ١٥٣.