الله عليه وآله مكانا نائيا ، وانقطع ارتباطه بعاصمة الاسلام ( المدينة )!!
ولقد كانت « تبوك » أبعد نقطة خرج إليها رسول الله صلىاللهعليهوآله في جميع غزواته ، فكان يحدس ـ بقوة ـ أن تقوم القوى المضادّة للاسلام بقلب الاوضاع في غيابه ، ويجمعوا من يروا رأيهم ويذهب مذهبهم من شتى أنحاء الحجاز ، ويتحدوا لضرب الدولة الاسلامية والقضاء عليها من الداخل.
ولهذا ـ رغم أنه استخلف « محمّد بن مسلمة » على المدينة ـ قال للامام « علي بن أبي طالب » :
« أنت خليفتي في أهل بيتي ودار هجرتي وقومي.
يا علي إنّ المدينة لا تصلح إلاّ بي وبك ».
ولقد أزعج بقاء عليّ عليهالسلام في المدينة ، المنافقين الذين كانوا يتربّصون بالاسلام الدوائر ، ويتحيّنون الفرصة ، ويفكرون في انقلاب في غيبة النبيّ صلىاللهعليهوآله لأنهم كانوا يعرفون أنهم لن يعودوا يستطيعون مع وجود عليّ عليهالسلام في المدينة ، ومراقبته الدقيقة لتحرّكاتهم ونشاطاتهم فعل أي شيء ممّا كانوا ينوون القيام به ، ولهذا أرجفوا به ، وبثّوا شائعات خبيثة حوله ، بغية إجباره على مغادرة المدينة فقالوا : ما خلّف رسول الله صلىاللهعليهوآله عليّا إلاّ استثقالا له ، وتخفّفا منه ، أو : أن رسول الله صلىاللهعليهوآله دعاه إلى الخروج لتبوك ، ولكن عليا امتنع من الخروج بحجّة الحرّ الشديد ، وبعد الطريق وإيثارا للدعة والراحة والرفاهية!!
ولإبطال هذه الشائعة الخبيثة ، وتكذيب هذا الكلام ، أخذ علي عليهالسلام سلاحه ، وخرج حتى أتى رسول الله صلىاللهعليهوآله وهو نازل بالجرف ( وهو موضع على ثلاثة أميال من المدينة ) فقال :
« يا نبي الله ، زعم المنافقون أنّك إنّما خلّفتني أنّك استثقلتني وتخفّفت منّي ».
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله حينئذ كلمته التاريخية الخالدة التي تعتبر