ولقد بلغ حبّ الشهادة عند الاشخاص في المجتمع الاسلامي يومئذ مبلغا عجيبا حتى أنّ فتيانا دون الحلم اشتركوا في هذه المعركة ، وردّ النبيّ صلىاللهعليهوآله بعضهم إلى المدينة لمّا استصغرهم (١).
إن كلام رسول الله صلىاللهعليهوآله يفيد بانه صلىاللهعليهوآله قد وعدهم بالرخاء والانفراج في المعيشة وذلك عن طريق السيطرة على أموال قريش ، وأخذ بضائعها ، وكان المسوّغ لهذا العمل هو ما سبق أن ذكرناه ، وهو أن قريشا كانت قد صادرت كل أموال المهاجرين المسلمين في مكة ، منقولها وغير منقولها ، ومنعت من دخولهم مكة ، وخروجهم منها.
ومن الواضح أن يسمح العاقل لنفسه ـ أيّا كان ـ بأن يعامل عدوه بمثل هذه المعاملة التي عامله بها العدوّ.
وأساسا يجب أن نعلم أنّ سبب هجوم المسلمين على قافلة قريش هو أنهم قد ظلموا وقهروا ، الأمر الذي يذكره القرآن الكريم أيضا ، ولذلك يسمح للمسلمين بأن يقاتلوا عدوّهم ويعترضوا تجارتهم إذ يقول :
« أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ » (٢).
ولقد كان أبو سفيان قد عرف ـ عند توجهه بالقافلة إلى الشام ـ أن رسول الله صلىاللهعليهوآله يترصد القافلة ، ولهذا اتخذ كافة الاحتياطات عند قفوله ورجوعه من الشام ، فكان يسأل القوافل عن رسول الله صلىاللهعليهوآله وكان إذا رأى أحدا منهم سأله : هل أحسست أحدا؟!
__________________
(١) المغازي : ج ١ ص ٢١.
وروي أنه كان الرجل يساهم أباه في الخروج مع النبيّ صلىاللهعليهوآله رغبة في الجهاد في سبيل الله والشهادة فكان ممن ساهم « سعد بن خيثمة » وأبوه في الخروج إلى بدر ، فقال سعد لأبيه : انه لو كان غير الجنة آثرتك به ، إني لأرجو الشهادة في وجهي هذا.
فقال خيثمة : آثرني ، وقرّ مع نسائك! فابى سعد.
فقال خيثمة : إنه لا بدّ لأحدنا من أن يقيم ، فاستهما ( أي اقترعا ) فخرج سهم سعد فقتل ببدر ( المصدر ).
(٢) الحج : ٣٩.