هذا مضافا إلى أن رسول الله صلىاللهعليهوآله كان مضطرّا ـ لتقوية الجيش الاسلامي ـ إلى أن يستعين بقبائل « تميم » و « غطفان » و « طيّ » التي كانت تسكن في مناطق بعيدة عن المدينة.
وقد عمد رسول الله صلىاللهعليهوآله لهذا الغرض إلى مراسلة زعماء تلك القبائل ، وساداتها كما كتب إلى « عتّاب بن اسيد » أمير مكة الشاب دعا فيه رجال تلك القبائل ، وفتيان مكة إلى المشاركة في هذا الجهاد المقدس (١).
ومثل هذا النوع من الدعوة الصريحة العامة لا ينسجم مع الكتمان والسريّة ، لأنه كان لا بدّ أن يخبر صلىاللهعليهوآله رؤساء القبائل في هذا الموضوع ، ويذكر لهم أهميّته ، ليحملوا معهم الزاد والعدة اللازمة الكافية.
ولما حان موعد تحرك الجيش استعرض رسول الله صلىاللهعليهوآله جيشه في معسكر المدينة العظيم ، المؤلّف من المؤمنين الفدائيين الغيارى على الإسلام ، والذين فضّلوا المشقة والموت في سبيل الهدف على الاستراحة في الظلال ، والتجارة ، وكسب المال واكتناز الثروة ، وخرجوا يستقبلون الموت في سبيل الدين بقلوب تفيض إيمانا ويقينا.
لقد كان هذا المشهد جميلا ورائعا جدا ، وكان له أثر قوي في نفس المتفرجين.
وفي هذه المناسبة ألقى رسول الله صلىاللهعليهوآله خطبة مهمة ، لتقوية معنويات المجاهدين ، قد شرح فيها هدفه من هذه التعبئة العامة الواسعة.
فبعد أن حمد الله وأثنى عليه بما هو أهله قال :
« أيّها الناس! أما بعد ، فإن أصدق الحديث كتاب الله وأوثق العرى كلمة
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ٢١ ص ٢٤٤.