الناس ودهشتهم وعجبهم.
والسبب في كل ذلك هو ما ذكرناه ، فان مشيئة الله سبحانه لو تعلّقت بأن يعلم نبيّه بشيء من عالم الغيب ويخبر به علم وأخبر ، وإلاّ كان صلىاللهعليهوآله كغيره من أفراد البشر العاديين.
وفي ضوء هذا البيان لا بد أن ننظر الى القصة التالية :
لما كان رسول الله صلىاللهعليهوآله ببعض الطريق إلى تبوك ضلّت ناقته ، فخرج أصحابه في طلبها ، فقام أحد المنافقين ، وقال : أليس محمّد يزعم أنه نبي ، ويخبركم عن خبر السماء ، وهو لا يدري أين ناقته؟
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله وهو يكشف النقاب ببيانه الرائع :
« إن رجلا قال : هذا محمّد يخبركم أنه نبيّ ويزعم أنه يخبركم بأمر السماء ، وهو لا يدري أين ناقته؟ وإني والله ما أعلم إلاّ ما علّمني الله ، وقد دلّني الله عليها وهي في هذا الوادي في شعب كذا وكذا وقد حبستها شجرة بزمامها فانطلقوا حتى تأتوني بها ».
فذهب بعض الصحابة من فورهم ، وجاءوا بها (١).
إخباره بمغيّب آخر :
لقد تخلّف أبو ذر عن رسول الله صلىاللهعليهوآله إذ أبطأ به بعيره ، فانتظره المسلمون ريثما يقوم بعيره ، ولكن دون جدوى فترك أبو ذر البعير ، وأخذ متاعه فحمله على ظهره ثم خرج يتبع أثر رسول الله صلىاللهعليهوآله ماشيا ، ونزل رسول الله صلىاللهعليهوآله في بعض منازله ونزل المسلمون ليستريحوا فيه بعض الوقت ، وفجأة لاح من بعيد رجل ، فلما نظر إليه ناظر من المسلمين قال : يا رسول الله هو والله أبو ذر ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله :
__________________
(١) السيرة النبوية : ج ٢ ص ٥٢٣ ، امتاع الاسماع : ج ١ ص ٤٥٦.