ثم لما ذا لم يتبع النبي صلىاللهعليهوآله هذه العادة من أول الأمر وهو العارف بتقاليد مجتمعه؟
إذا أردنا أن نقضي في هذه القضية التاريخية بالقضاء المحايد المنصف وجب أن نقول : إن علة هذا العزل ، والنصب لم يكن لا دافع الرغبة في المقام ، والطموح الى السلطة ، ولا وشيجة القربى مع علي عليهالسلام بل كان الغرض من هذا التغيير هو الكشف عمليا عن أهليّة أمير المؤمنين علي عليهالسلام وصلاحيّته للقيام بالمهامّ المتعلّقة بالحكومة الاسلامية ، وليعلم الناس أنه عديل النبي صلىاللهعليهوآله في الجوانب الروحية ، وفي مجال الأهليّة ، والصلاحية.
وانه اذا ما غابت شمس الرسالة بعد حين وجب أن تسلّم مقاليد الحكم ، وازمّة التصرّف في المسائل والامور المتعلّقة بشئون الخلافة الى عليّ عليهالسلام إذ لا يصلح لهذا العمل الخطير سواه ، وانه يجب أن لا يقع المسلمون بعد وفاة رسول الله صلىاللهعليهوآله في الإشكال والتشتت ، والاختلاف والحيرة في هذا الأمر ، لأنهم قد رأوا بام عينهم كيف نصب « علي » من جانب النبي بأمر الله تعالى لنبذ العهود مع المشركين ، الذي هو من صلاحيات واختيارات ، الحاكم الاسلامي وشئونه.