افتقاد ثلاثة من أولاده هم : « القاسم والطاهر ، والطيب » (١) وثلاث من بناته وهن : « زينب » و « رقيّة » و « أمّ كلثوم » ولقد حزن لفقدهم حزنا شديدا وكانت « فاطمة » هي البنت الوحيدة التي بقيت له من زوجته الكريمة خديجة.
لقد بعث رسول الله صلىاللهعليهوآله في السنة السادسة من الهجرة سفراء إلى البلاد المختلفة خارج الجزيرة العربية وكان من جملة الكتب التي أرسلها إلى الامراء والملوك هي رسالته إلى حاكم مصر يدعوه فيها إلى الاسلام ، وإلى عقيدة التوحيد ، وهذا الحاكم وإن لم يلبّ نداء النبيّ في الظاهر ، ولم يقبل دعوته إلاّ أنه اجاب على كتاب النبي باجابة حسنة مضافا إلى أنه أرسل إليه صلىاللهعليهوآله هدايا منها جارية تدعى « مارية ».
ولقد نالت هذه الجارية فيما بعد شرف تزوج النبي الكريم بها وولدت له ابنا سماه « إبراهيم » أحبّه رسول الله صلىاللهعليهوآله حبّا شديدا.
ولقد خفّفت ولادة إبراهيم الكثير من الاحزان التي كان رسول الله صلىاللهعليهوآله يعاني منها بسبب افتقاده لأولاده الستة ، واشعلت في نفس النبي صلىاللهعليهوآله بصيصا من الأمل ، ولكن هذا البصيص من الأمل سرعان ما غاب بعد ثمانية عشر شهرا ، وانطفأ.
لقد خرج رسول الله صلىاللهعليهوآله من بيته ذات يوم لعمل ، وعند ما عرف بتدهور خطير في صحة ولده الحبيب الوحيد « إبراهيم » عاد من فوره الى منزله ، واخذ ابنه من حضن أمه ، وفيما كانت تعلو ملامحه علامات الغم والاضطراب نطق بهذه العبارات.
إن حزن النبي صلىاللهعليهوآله وبكاءه في موت ابنه « إبراهيم » دليل حيّ على عاطفته الانسانية التي استمرت حتى بعد وفاة ذلك الولد الحبيب ، وإن إظهار تلك العواطف والإعراب عن الحزن والأسى كان يكشف عن روح
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ٢٢ ص ١٦٦ ، ولكن بعض علماء الشيعة قالوا : أولاده الذكور من خديجة اثنان فقط راجع ج ٢٢ ص ١٥١ من بحار الأنوار.