« أيّها الناس إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله تجريان بأمره مطيعان له فلا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته » (١).
إن النبي الكريم صلىاللهعليهوآله على عكس ما يفعله النفعيون الوصوليون الذين لا يكتفون بتفسير الحقائق وتجييرها لمصالحهم ، واستخدامهم لمآربهم ، بل طالما يحاولون استغلال جهل الناس ونزعهم إلى الخرافات لصالحهم.
إنّ رسول الاسلام على عكس هذه الجماعة لم يكتم الحقيقة ، ولم يستفد من جهل الناس وغفلتهم لصالح نفسه.
ولو أن النبي صلىاللهعليهوآله كان يسبغ في ذلك اليوم لباس الصحة على مثل هذه الفكرة الباطلة وهذا التصور الخيالي لم يمكنه أن يطرح نفسه قائدا خالدا للبشرية ورسولا مختارا من جانب خالق الطبيعة ، والمؤسس الحقيقي لقوانين العالم الماديّ ، في العالم الراهن الذي كشف فيه القناع عن اسرار الطبيعة ، واتضحت فيه قوانين العالم الماديّ ونواميسه ، وعلل الكسوف والخسوف وغيرهما من تفاعلات الطبيعة.
إن دعوة النبي الاكرم لم تكن مختصة بجماعة العرب كما أنها لا تخضع لحدود زمانية أو مكانية ، فلو أنه كان نبي الاقوام والاجيال الغابرة ، فهو كذلك نبيّ عصر الفضاء ، وقائد عصر اكتشاف أسرار الطبيعة ورموزها.
إن احاديث هذا النبي العظيم ، وكلماته من القوة ، والمتانة ومن الصحة ، والاتصاف بالواقعية بحيث لم يتطرق إليها أي إشكال حتى مع التطورات العلمية الاخيرة التي قلبت كثيرا من معارف البشر القديمة رأسا على عقب.
__________________
(١) المحاسن : ص ٣١٣ ، السيرة الحلبية : ج ٣ ص ٣١٠ و ٣١١.