مراسيم التهنئة (١).
من هنا لا يمكن القول بان رسول الله صلىاللهعليهوآله غادر ارض غدير خم في اليوم التاسع عشر ، خاصة ان تلك المنطقة كانت المحل الذي تتشعب فيه طرق المدنيين والمصريين والعراقيين ، وبناء على هذا لا بدّ أن الجماعات المختلفة الاوطان التي كانت تريد التوجه إلى أوطانها قد ودّعت رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ولا شك أن عملية التوديع هذه قد أوجبت مكث رسول الله صلىاللهعليهوآله في أرض الغدير مدة أطول.
وحتى لو فرضنا ـ افتراضا ـ أن رسول الله صلىاللهعليهوآله توجه نحو المدينة في اليوم التاسع عشر ، فهل يمكن ان نقول ـ في ضوء المحاسبات التي نملكها من التاريخ حول مقدار طيّ هذه المسافة ـ أن رسول الله صلىاللهعليهوآله قدم المدينة في اليوم الرابع والعشرين أو الخامس والعشرين ، واخذ بمقدمات قضية المباهلة ثم كتب وثيقة الصلح بينه وبين أهل نجران؟ ، كلا حتما ، لأن المسافة بين مكة والجحفة كما ذكرنا في الهامش المتقدم هي ثلث المسافة بين مكة والمدينة.
ويجب أن نرى الآن كم كان يستغرق من الزمن مجموع سفر القوافل ـ آنذاك ـ من مكة المكرمة الى المدينة المنورة؟
لا توجد هنا أيّة وثيقة توضح ذلك إلاّ حديث سفر النبي الاكرم صلىاللهعليهوآله نفسه الذي وضعه التاريخ تحت تصرفنا فان التاريخ يقول : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قطع هذه المسافة عند هجرته من مكة الى المدينة في مدة تسعة أيام (٢).
__________________
(١) جاء تفصيل مراسم التهنئة في موسوعة الغدير : الجزء ١ ص ٢٤٥ ـ ٢٥٧.
(٢) غادر رسول الله صلىاللهعليهوآله مكة مهاجرا الى المدينة في الليلة الرابعة من شهر ربيع ، ووصل إلى محلة « قبا » حوالي الظهر في اليوم الثاني عشر من نفس ذلك الشهر ، وتدلّ القرائن على أن رسول الله صلىاللهعليهوآله قطع هذه المسافة بسرعة بسبب ملاحقة قريش له ( السيرة النبوية : ج ٢ ص ٣٩٩ ، الطبقات الكبرى : ج ١ ص ١٣٥ ).