فور قدومهم ـ وعلى هذه الهيئة ـ إلى مسجد النبي صلىاللهعليهوآله ولكن النبي واجههم بالكره بسبب الهيئة التي دخلوا بها عليه.
فانتهى هذا اللقاء من دون عمل شيء وتفرق أعضاء الوفد ، وهم في حيرة من موقف النبي صلىاللهعليهوآله فالتقى الوفد عليا عليهالسلام وسألوه عن سبب استياء النبي واعراضه عنهم ، فأخبرهم الامام علي عليهالسلام بأن عليهم أن ينزعوا تلك الثياب والحليّ عنهم ، ويدخلوا على رسول الله صلىاللهعليهوآله بثياب عادية حتى يرتاح إليهم النبيّ ويستقبلهم بوجه منبسط.
فعاد أعضاء الوفد ودخلوا على النبي صلىاللهعليهوآله ثانية ولكن بثياب عادية خالية عن الزينة والحليّ ، فاستقبلهم رسول الله صلىاللهعليهوآله ببشاشة خاصة ، ورحّب بهم ترحيبا كبيرا ، ثم سألوا النبي صلىاللهعليهوآله أن يؤدوا صلاتهم في المسجد ، فاذن لهم رسول الله صلىاللهعليهوآله بذلك ، ثم دخلوا مع النبي صلىاللهعليهوآله في مناظرات ومناقشات مفصّلة ، وبعد مناظرات مفصلة ذكرها اكثر المفسرين والمؤرخين ومنهم ابن هشام في سيرته (١) اتفقوا على أن يحسموا الأمر بالمباهلة ، وحدّد يوم المباهلة.
ولما كان ذلك خرج رسول الله صلىاللهعليهوآله في ذلك اليوم مع ابنته الزهراء وصهره عليّ بن أبي طالب ، وسبطيه الحسن والحسين ، إلى الصحراء للمباهلة مع وفد نجران.
ولكن وفد نجران بعد أن رأوا النبي ومن معه وما هم عليهم من البساطة والجلال انصرفوا عن الدخول في المباهلة ورضخوا طائعين لدفع جزية سنوية الى رسول الله صلىاللهعليهوآله .
فهل هذه الوقائع التي استغرقت ـ كما يقول بعض المؤرخين ـ اربعة مجالس يمكن أن تكون قد تمّت في يوم واحد؟
__________________
(١) السيرة النبوية : ج ٢ ص ٥٧٥ ، مجمع البيان : ج ١ ص ٤١٠.