« الجحفة » (١) بثلاثة أميال نزل أمين الوحي جبرئيل على رسول الله صلىاللهعليهوآله بمنطقة تدعى « غدير خم » وخاطبه بالآية التالية : « يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ » (٢).
إن لسان الآية وظاهرها يكشف عن أن الله تعالى ألقى على عاتق النبي صلىاللهعليهوآله مسئولية القيام بمهمة خطيرة ، وأي أمر اكثر خطورة من أن ينصب عليا عليهالسلام لمقام الخلافة من بعده على مرأى ومسمع من مائة ألف شاهد.
من هنا أصدر رسول الله صلىاللهعليهوآله أمره بالتوقّف ، فتوقفت طلائع ذلك الموكب العظيم ، والتحق بهم من تأخّر.
لقد كان الوقت وقت الظهيرة ، وكان الجو حارا الى درجة كبيرة جدا ، وكان الشخص يضع قسما من عباءته فوق رأسه والقسم الآخر منها تحت قدميه ، وصنع للنبي صلىاللهعليهوآله مظلة وكانت عبارة عن عباءة القيت على أغصان شجرة ، ( سمرة ) وصلّى رسول الله صلىاللهعليهوآله بالحاضرين الظهر جماعة ، وفيما كان الناس قد احاطوا به صعد صلىاللهعليهوآله على منبر اعدّ من أحداج الإبل وأقتابها ، وخطب في الناس رافعا صوته وهو يقول :
« الحمد لله ونستعينه ونؤمن به ونتوكّل عليه ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، الذي لا هادي لمن ضلّ ولا مضلّ لمن هدى وأشهد ان لا إله إلاّ هو وأن محمّدا عبده ورسوله.
أمّا بعد ، أيّها الناس قد نبّأني اللطيف الخبير أنّه لم يعمّر نبي إلاّ مثل نصف الذي قبله ، وإني أوشك أن ادعى فأجيب وأني مسئول وانتم مسئولون فما ذا انتم قائلون؟
__________________
(١) من مواقيت الاحرام وتنشعب منها طرق المدنيين والمصريين والعراقيين.
(٢) المائدة : ٦٧.