من معسكر « الجرف » وتوجهه إلى النقطة المطلوبة ، وكانت تسعى لعرقلة هذه المهمة.
وبعد يوم من عقد رسول الله صلىاللهعليهوآله اللواء لاسامة تمرّض صلىاللهعليهوآله بشدة وأصابه صداع شديد تركه طريح الفراش واستمر هذا المرض عدة أيام حتى قضى صلوات الله عليه.
وقد علم رسول الله صلىاللهعليهوآله في مرضه أنّ هناك من تخلّف عن جيش اسامة وأن هناك من يعرقل توجّهه نحو المنطقة التي عيّنها ، وأن هناك بالتالي من يطعن في اسامة فغضب صلىاللهعليهوآله لذلك غضبا شديدا ، وخرج وهو يلتحف قطيفة ، وقد عصّب جبهته بعصابة إلى مسجده ليتحدث إلى المسلمين من قريب ، ويحذّرهم من مغبّة هذا التخلّف ، فصعد المنبر على ما هو عليه من حمّى شديدة وبعد أن حمد الله واثنى عليه قال :
« أمّا بعد أيّها الناس فما مقالة بلغتني عن بعضكم في تأميرى اسامة ، ولئن طعنتم في إمارتي اسامة لقد طعنتم في إمارتي أباه من قبله وأيم الله كان للإمارة خليقا وإن ابنه من بعده لخليق للإمارة ، وإن كان لمن أحبّ الناس إليّ وانّهما لمخيلان لكل خير ، واستوصوا به خيرا فانه من خياركم ».
ثم نزل صلىاللهعليهوآله ودخل بيته واشتدت به الحمى ، فجعل يقول لمن يعوده من أصحابه :
« أنفذوا بعث اسامة » (١).
ولقد بلغ من إصرار رسول الله صلىاللهعليهوآله على بعث جيش اسامة انه كان يقول وهو في فراش المرض :
« جهزوا جيش اسامة ، لعن الله من تخلّف عنه » (٢).
وقد تسببت هذه التاكيدات في أن يحضر جماعة من المهاجرين والأنصار
__________________
(١) الطبقات الكبرى : ج ٢ ص ١٩٠.
(٢) الملل والنحل : ج ١ المقدمة الرابعة ص ٢٣.