فقال : يا رسول الله أوجعتني وقد بعثك الله بالحق والعدل فأقدني ( أي اقتصّ ) لي من نفسك. فكشف رسول الله صلىاللهعليهوآله عن بطنه وقال : استقد ( أي أنت اقتصّ ) فاعتنقه سوّاد وقبّل بطنه صلىاللهعليهوآله فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ما حملك على هذا؟
قال : يا رسول الله حضر ما ترى ( من القتال ) فأردت أن يكون آخر العهد بك أن يمس جلدي جلدك.
فدعا له رسول الله صلىاللهعليهوآله بخير (١).
ثم إن رسول الله صلىاللهعليهوآله بعد أن عدّل الصفوف رجع الى غرفة العمليّات ( العريش ) فدخله وتوجّه إلى ربه بقلب مفعم بالإيمان يناشده ما وعده من النصر وقال في مناجاته لربه في تلك اللحظات :
« اللهمّ إن تهلك هذه العصابة فلن تعبد في الأرض أبدا » (٢).
ولقد سجّلت المصادر التاريخية الاسلامية تفاصيل وجزئيات الهجوم العام ، الى درجة ما ، إلاّ أنّ من المسلّم المقطوع به أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله كان ينزل من العريش أحيانا ويحرّضهم على القتال والمقاومة. فقد قال في احدى هذه المرات :
« والّذي نفس محمّد بيده لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابرا محتسبا مقبلا غير مدبر ، إلاّ أدخله الله الجنّة ».
ولقد كانت كلمات القائد الاعلى هذه تفعل فعلتها في النفوس ، فتثير الهمم ، وتوجد شوقا عجيبا الى الشهادة في المقاتلين المسلمين ، حتى أن أحدهم ويدعى « عمير بن الحمام » أخو بني سلمة قال للنبيّ صلىاللهعليهوآله وفي يده تمرات ياكلهنّ يا رسول الله : بخ بخ ، أفما بيني وبين أن أدخل الجنّة إلاّ أن يقتلني هؤلاء.
__________________
(١) السيرة النبوية : ج ١ ص ٦٢٦
(٢) السيرة النبوية : ج ١ ص ٦٢٧ ، تاريخ الطبري : ج ٢ ص ١٤٩.