الاستصحاب ، والثاني مجرى الاحتياط ، والثالث مجرى التخيير ، والرابع مجرى البراءة » (١).
والفرق بين هذا البيان وبيان الشيخ الأعظم رحمهالله هو تقديمه للشكّ في التكليف والمكلّف به على إمكان الاحتياط وعدمه على عكس ما ذكره الشيخ الأعظم رحمهالله.
والظاهر أنّ بيانه أيضاً غير تامّ من ناحيتين :
الاولى : إنّ ملاك جريان البراءة في بيانه إنّما هو عدم العلم بالتكليف ، وهو ينتقض بالشبهات قبل الفحص فإنّ التكليف فيها ليس معلوماً مع كونه مجرى الاحتياط لا البراءة.
ولا يخفى أنّ هذا الإشكال لا يرد على الشيخ رحمهالله لأنّ ملاك جريان البراءة في كلامه هو عدم قيام دليل عقلي أو نقلي على ثبوت العقاب ، والمفروض إنّه غير صادق في الشبهات قبل الفحص فقد قام الدليل فيها على وجوب الاحتياط.
الثانية : إنّ ملاك قاعدة الاحتياط في كلامه عبارة عن العلم بالتكليف ، وهو ينتقض بالشبهات غير المحصورة لأنّ التكليف فيها معلوم مع أنّها مجرى قاعدة البراءة.
ولا يخفى أنّ كلام الشيخ الأعظم في فسحة من هذه الناحية أيضاً لأنّ ملاك قاعدة الاحتياط فيه قيام دليل على العقاب وهو غير صادق في الشبهات غير المحصورة.
والأحسن أن يقال : مورد الشكّ إمّا أن يكون اليقين السابق فيه ملحوظاً أو لا ، والأوّل مورد الاستصحاب ، والثاني إمّا أن يكون الشكّ فيه في التكليف ولم يقم دليل عقلي أو نقلي على ثبوت العقاب في مورده أو لا ( سواء كان الشكّ في المكلّف به أو كان الشكّ في التكليف ، وقام دليل كذلك ) والأوّل مورد البراءة (٢) ، والثاني إمّا أن يمكن الاحتياط فيه أو لا ، والأوّل مورد الاحتياط والثاني مورد التخيير.
وهذا الحصر عقلي ، والعجب من المحقّق النائيني رحمهالله حيث قال : « عمدتها أربعة » مع اعترافه بأنّ الحصر عقلي.
أمّا الرابع : فلا إشكال في تقدّم الأمارات والأدلّة الاجتهاديّة على الاصول العمليّة لأنّ أدلّتها حاكمة عليها.
ولتوضيح معنى الحكومة يناسب هنا بيان الحالات الأربعة لتقديم دليل على دليل ، وإن
__________________
(١) فوائد الاصول : ج ٣ ، ص ٣٢٥.
(٢) ولا يخفى شموله لمورد الدوران بين الوجوب والحرمة والاستحباب لكونه من موارد الشكّ في التكليف.