كان محلّه المقرّر له مبحث التعادل والتراجيح.
فنقول ـ ومن الله التوفيق والهداية ـ : يتصوّر للدليل المقدّم على دليل آخر حالات أربعة :
أحدها : التخصّص ، وهو خروج مورد عن موضوع دليل خروجاً ذاتيّاً بلا حاجة إلى دليل مخرج ، كخروج زيد الجاهل عن دليل وجوب إكرام العلماء.
ثانيها : التخصيص ، وهو إخراج مورد عن موضوع دليل إخراجاً حكميّاً بواسطة تعبّدٍ ودليل ، كاخراج العالم الفاسق بقول المولى : « لا تكرم الفسّاق من العلماء » عن قوله : « أكرم العلماء ».
ثالثها : الورود ، وهو عبارة عن الخروج الموضوعي كالتخصّص لكنّه خروج بواسطة ورود دليل يوجب إنعدام موضوع الدليل السابق حقيقة ، نظير ورود أدلّة الأمارات على الاصول العمليّة العقليّة فيكون دليل حجّية خبر الواحد مثلاً وارداً على قاعدة قبح العقاب بلا بيان لأنّ موضوعها هو عدم البيان ، ودليل حجّية خبر الواحد يجعل مفاد خبر الواحد بياناً.
رابعها : الحكومة ، وهى كون أحد الدليلين مفسّراً لدليل آخر ، وناظراً إليه نظر تفسيرٍ بالمطابقة أو التضمّن أو الالتزام ، بالتصرّف في موضوعه أو حكمه أو متعلّقه ، بالتوسعة أو التضييق ، فهى على ستّة أقسام :
١ ـ أن يكون التصرّف في الموضوع بالتضييق كما إذا قال المولى ( بعد قوله أكرم العلماء ) :
« العالم الفاسق ليس بعالم ».
٢ ـ أن يكون التصرّف في الموضوع بالتوسعة ، كما إذا قال : « العامي العادل عالم ».
٣ ـ أن يكون التصرّف في المتعلّق بالتضييق ، كما إذا قال : « الإطعام ليس بإكرام » ( مع كونه إكراماً عرفاً ).
٤ ـ أن يكون التصرّف في المتعلّق بالتوسعة كما إذا قال : « مجرّد السلام إكرام » ( مع أنّه ليس بإكرام عرفاً على الفرض ).
٥ ـ أن يكون التصرّف في الحكم بالتضييق ، كما إذا ورد في دليل : « إذا شككت في الصّلاة فابنِ على الأكثر » وورد في دليل آخر : « إنّما عنيت بذلك خصوص الشكّ بين الثلاث والأربع ».
٦ ـ عكس الخامس ، كما إذا قال : « إذا شككت بين الثلاث والأربع فابنِ على الأكثر » ثمّ