وجوب استقلالي وهو حادث ، فلا معنى للإخبار عن عدم سقوطه بتعذّر غيره ، وكذلك الحال في المرتبة النازلة فإنّ وجوبها لو ثبت بعد تعذّر المرتبة العالية لكان وجوباً حادثاً جديداً لا يصحّ التعبير عنه بعدم السقوط ، فإرادة معنى عام من الرواية شامل لموارد تعذّر بعض الأفراد ، وموارد تعذّر بعض الأجزاء وموارد تعذّر المرتبة العالية تحتاج إلى عناية لا يصار إليها إلاّ بالقرينة » (١).
أقول : ليس هذا إلاّدقّة عقليّة في مسألة عرفيّة لا يعتني بها أهل العرف ، حيث إنّ المرتبة النازلة تعدّ عند العرف ميسورة من المرتبة العالية ، وتكون تسعة أجزاء مثلاً تابعة وبقية لعشرة أجزاء في نظره ، لا أمراً حادثاً بعدها حتّى يكون وجوبها أيضاً وجوباً حادثاً جديداً فلا يصحّ التعبير عنه بعدم السقوط.
فتلخّص من جميع ما ذكرناه أنّ الوارد من هذه الوجوه هو الوجه الرابع ، وعليه لا يتمّ الاستدلال بهذا الحديث في المقام.
أمّا الرواية الثالثة : وهى قوله عليهالسلام : « ما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه » فيرد على الاستدلال بها في ما نحن فيه إثنان من الإشكالات الخمسة الواردة على الرواية السابقة :
أحدهما : إجمال كلمة « كلّ » ودورانه بين المجموع بحسب الأفراد والمجموع بحسب الأجزاء.
والجواب عنه هو الجواب ، وهو اطلاق ما الموصولة الواردة في الحديث ، مضافاً إلى أنّ ظهور كلمة « كلّه » في الأجزاء أشدّ من ظهوره في الأفراد كما لا يخفى.
الثاني : إجمال قوله عليهالسلام : « لا يترك » ودورانه بين إرادة الوجوب بالخصوص وإردة الأعمّ من الوجوب والندب ، فلا يمكن الاستدلال بها لأنّه بناءً على الاحتمال الثاني لا يستفاد منها وجوب الإتيان بالباقي.
والجواب عنه أيضاً هو الجواب ، وهو أنّ ظاهر الحديث كون حكم ما لا يترك في كلّ من
__________________
(١) مصباح الاصول : ج ٢ ، ص ٤٨٥ ، طبع مكتبة الداوري.