الواجب والمستحبّ حكم أصله.
نعم ، يرد عليها ما أُورد على الروايتين السابقتين ، وهو لزوم إحراز تعدّد المطلوب من قبل ، ومعه تكون الرواية مؤكّدة لحكم العقل ، وليس فيها تعبّد شرعي.
وإن شئت قلت : أنّ قاعدة الميسور قاعدة عقلائيّة يعمل به العقلاء في ما إذا علم تعدّد المطلوب ( أي مطلوبيّة الباقي مضافاً إلى مطلوبية المجموع ) من قبل فتكون جميع الروايات ناظرة إليها ، وليس فيها تعبّد شرعي.
هذا كلّه في مدلول أحاديث الباب.
وأمّا بناء العقلاء فقد مرّ بيانه في تفسير الأحاديث ، وحاصله أنّه إذا كان هناك مطلوب له درجات مختلفة يستقلّ بعضها عن بعض ، أو كان هناك مطلوبات مختلفة تترتّب مجموعها على مجموع أجزاء المركّب وبعضها على بعض ، فلا يشكّ أحد في وجوب الأجزاء التي يترتّب عليها بعض مراتب المطلوب أو بعض المطلوبات المختلفة ، ولا يزال العقلاء من أهل العرف يعبّرون في هذه الموارد بتعبيرات قريبة ممّا ورد في روايات القاعدة ، حتّى صار عملهم في بعضها من قبيل ضرب المثل بينهم ، ممّا لا يخفى على المتتبّع.
بقي هنا امور :
الأمر الأوّل : قال في مصباح الاصول : « لم يعلم من الأصحاب العمل بقاعدة الميسور إلاّ في الصّلاة ، وفيها دليل خاصّ دلّ على عدم جواز تركها بحال فلم يعلم استنادهم إلى الرواية المذكورة » (١).
ولكنّه ليس بتامّ لتعرّضهم لها في سائر الأبواب أيضاً ، فقد تعرّض لها صاحب الجواهر في باب الوضوء في أحكام الجبيرة ( كما وردت أيضاً في الحديث الوارد في باب الجبيرة ، وهو ما
__________________
(١) مصباح الاصول : ح ٢ ، ص ٤٧٨ ، طبع مكتبة الداوري.