وجوب طريقي ( خلافاً لما ذهب إليه المحقّق الأردبيلي وصاحب المدارك صلى الله عليه وسلم من كونه وجوباً نفسياً استقلالياً ) وعليه تكون مخالفته موجبة لاستحقاق العقاب على ترك الفحص والتعلّم المؤدّي إلى مخالفة الواقع ، وذلك لأنّ وجوبه لأجل حفظ الواقع وطريقيّة التعلّم والفحص إلى إدراك الواقع كوجوب الاحتياط شرعاً في بعض الشبهات البدويّة ( كما في باب الفروج والدماء بل الأموال ) فالمطلوب بالذات هو الواقع ، ومطلوبيّة الاحتياط إنّما هى لأجل الوصول إلى الواقع وحصوله.
إن قلت : إذا كان الأمر كذلك فوجوبه يكون وجوباً غيرياً مقدّمياً ومن قبيل المقدّمات المفوتة على القول بالواجب المعلّق ، أو وجوباً عقلياً على القول بعدم إمكانه ، فلا يكون العقاب إلاّ على مخالفة الواقع لا على ترك التعلّم عند مخالفة الواقع.
قلنا : إنّ مناط وجوب التعلّم غير مناط وجوب حفظ القدرة أو تحصيلها في المقدّمات المفوتة ، ولا يقاس أحدهما بالآخر ، فإنّ القدرة ممّا يتوقّف عليها فعل المأمور به خارجاً ومن المقدّمات الوجوديّة له ، ولا يتمكّن المكلّف من فعل الواجب عند تفويت القدرة ، فيتحقّق عصيان خطاب ذي المقدّمة بمجرّد ترك هذه المقدّمات الوجودية ، ويستحقّ التارك العقاب على تفويت الواجب من زمان ترك المقدّمة ، إذ بتركها يفوت الواجب لا محالة ، ويمتنع عليه بالاختيار ويصدق أنّه فات منه الواجب ، وهذا بخلاف التعلّم والاحتياط ، فإنّه لا يتوقّف فعل الواجبات وترك المحرّمات عليهما في الخارج ، إذ ليس للعلم دخل في القدرة ليكون حاله حال المقدّمة المفوتة ، وليس لهما دخل في الملاك أيضاً ، فلا يكون لإيجاب التعلّم والاحتياط شائبة النفسيّة والاستقلاليّة ، بل الغرض من إيجاب التعلّم مجرّد الوصول إلى الأحكام والعمل على طبقها ، ومن إيجاب الاحتياط التحرّز عن مخالفة الواقع ، من دون أن يكون للتعلّم والاحتياط جهة موجبة لحسنهما الذاتي المستتبع للخطاب المولوي النفسي ، بل الخطاب المتعلّق بهما يكون لمحض الطريقيّة ، ووجوبهما يكون للغير لا نفسياً ولا بالغير.
فإن قلت : الوجوب للغير لا ينافي الوجوب النفسي ، فإنّ غالب الواجبات النفسيّة يكون وجوبها للغير بناءً على تبعية الأحكام للمصالح والمفاسد.
قلت : الغير الذي يجب الشيء لأجله يختلف ، فتارةً يكون هو ملاكات الأحكام التي اقتضت وجوب الشيء ، واخرى ، يكون هو الخطابات الواقعية ، ففي الأوّل لا يدور وجوب