إلى الواجب النفسي ، وهناك تناقض يشاهد في كلامه ، حيث يقول تارةً : « والخطابات الواقعية بالنسبة إلى وجوب التعلّم والاحتياط تكون كوجوب ذي المقدّمة علّة للحكم » واخرى يقول : « إنّ وجوب المقدّمة يترشّح من وجوب ذيّها بخلاف وجوب التعلّم والاحتياط » وليت شعري كيف لا يترشّح وجوب التعلّم من الخطابات الواقعية مع كونه معلولاً لها؟ والمعلول يترشّح دائماً من علّته.
فتحصّل أنّ الصحيح هو ما ذهب إليه المشهور من كون العقاب على ترك الواقع لكونه مقدوراً بالواسطة وهى تحصيل العلم ، والامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار.
يبقى الإشكال بالنسبة إلى الواجبات المشروطة أو الموقتة ، ولكنّه يرتفع بما مرّ من أنّ علّة الأحكام إنّما هى إرادة المولى التي تصدر منه بعد ملاحظة وجوب ذي المقدّمة في محلّه وملاحظة عدم إمكان تحقّقه بدون إتيان المقدّمة من الآن.
هذا كلّه في المقام الأوّل.
أمّا المقام الثاني : ( وهو البحث في الحكم الوضعي وصحّة العمل المأتي به وفساده ) فلا إشكال في صحّة العمل إذا أتى بالمأمور به على وجهه ، أي واجداً لجميع الشرائط والاجزاء وفاقداً لجميع الموانع ، ومن الشرائط قصد القربة في العبادات التي يمكن تمشيه فيها إمّا لأجل الغفلة ( كما يتصوّر في العوام ) أو رجاءً ( كما في الخواص ) ، ومنها قصد الإنشاء في المعاملات فإنّه أيضاً يمكن تمشّيه من الجاهل بالحكم الشرعي لإمكان تعلّق القصد بإنشاء المسبّبات الممضاة عند العقلاء وإن لم تكن شرعية ، ولذلك حكموا بصحّة بيع الغاصب لنفسه فضولة.
فالمدار كلّ المدار في صحّة العمل وفساده مطابقة المأتي به للمأمور به الواقعي لعدم موضوعيّة للاجتهاد أو التقليد بل إنّهما طريقان إلى الواقع محضاً.
ثمّ إنّه تارةً يحصل للمكلّف العلم بالمطابقة فلا إشكال حينئذٍ في صحّة العمل المأتي به.
واخرى يقع المأتي به مطابقاً لاجتهاده الفعلي أو تقليده الفعلي فلا إشكال أيضاً في الصحّة.
وثالثة لا يقع مطابقاً مع اجتهاده الفعلي أو تقليده الفعلي بل يقع موافقاً لمن يجب عليه