عدم أحدهما مقدّمة ومن اجزاء علّة وجود الآخر فلا علّية بينهما ، بل عدم أحدهما ملازم لوجود الآخر لأنّ الضدّ وعدم ضدّه متلازمان ليس بينهما توقّف أصلاً. ( انتهى ).
وقد أورد عليه المحقّق النائيني رحمهالله بما لا يكون وارداً فأورد عليه :
أوّلاً : بما حاصله : أنّ الخصوصيّة الزائدة ( كخصوصيّة القصر أو خصوصيّة الإخفات ) إن كان لها دخل في حصول الغرض من الواجب فلا يعقل سقوطه بالفاقد لها ، وإن لم يكن لها دخل فاللازم هو الحكم بالتخيير بين القصر والتمام مثلاً ، غايته أن يكون القصر أفضل فردي التخيير لاشتماله على الخصوصيّة الزائدة ولا وجه لاستحقاق العقاب (١).
وقد ظهرت المناقشة فيه والجواب عنه ممّا سبق من كون المطلوب متعدّداً وأنّ الصّلاة التامّة مشتملة على مقدار من المصلحة يوجب تفويت المقدار الزائد القائم بالقصر وخروجه عن قابلية الاستيفاء والتدارك ، وهذا ليس بعزيز ، ومجرّد القدرة على فعل الصّلاة قصراً في الخارج غير كافٍ بعد فرض فناء موضوع التدارك.
وثانياً : « بأنّ الظاهر من أدلّة الباب كون المأتي به في حال الجهل مأموراً به فراجع أدلّة الباب » (٢).
ويرد عليه : أنّ الدليل على صحّة المأتي به في المقام إنّما هو الإجماع ، وهو يدلّ على صحّة العمل إجمالاً ، ولا يستفاد منه كونه مأموراً به.
هذا كلّه هو الوجه الأوّل من الوجوه المذكورة في كلمات القوم لدفع الإشكالات الثلاثة المزبورة.
الوجه الثاني : ما أجاب به الشيخ الأعظم الأنصاري رحمهالله وهو عدم كون المأتي به مأموراً به بل أنّه يوجب سقوط الأمر بالواقع المتروك ، فلا يجب عليه الإعادة أو القضاء لسقوط الأمر بالواقع حينئذٍ ، وأمّا العقاب فلعدم إتيانه للمأمور به على الفرض.
أقول : الظاهر أنّ هذا الوجه في الحقيقة يرجع إلى الوجه الأوّل ( بل الظاهر أنّ المحقّق الخراساني رحمهالله أخذه منه ) لأنّه لا وجه لسقوط الأمر بالواقع إلاّمن ناحية تعدّد المطلوب.
الوجه الثالث : ما أجاب به كاشف الغطاء رحمهالله وهو الالتزام بأمرين على نحو الترتّب بمعنى
__________________
(١) راجع فوائد الاصول : ج ٤ ، ص ٢٩٢ ، طبع جماعة المدرّسين.
(٢) المصدر السابق.