المتعلّقين في الامتثال ، لما بين المتعلّقين من التضادّ والمقام لا يكون من هذا القبيل » (١).
ويمكن الجواب عنه : بأنّه غير قادر على الجمع بينهما بحسب الواقع ، لوجود التضادّ بينهما شرعاً ، وإن كان قادراً بحسب الظاهر على الإتيان بكلّ منهما.
هذا كلّه هو الوجه الثالث من الوجوه المذكورة في كلمات القوم لدفع الإشكالات الثلاثة المزبورة.
الوجه الرابع : ما اختاره المحقّق النائيني رحمهالله لدفع الإشكالات ، وهو : أنّ الإشكال إنّما كان مبنيّاً على تسليم مقدّمتين :
الاولى : أن يكون العمل المأتي به حال الجهل مأموراً به ، كما يستكشف ذلك من أدلّة صحّة العمل والإجزاء ولو بعد زوال صفة الجهل وبقاء الوقت.
الثانية : استحقاق الجاهل العامل للعقاب وأنّ استحقاقه له لأجل تفويت ما كان واجباً عليه في حال الجهل ، ومع المنع عن إحدى المقدّمتين يرتفع الإشكال ، والمقدّمة الاولى مسلّمة لا سبيل للمنع عنها ، إذ لا ينبغي الإشكال في استكشاف تعلّق الأمر بالعمل من أدلّة الصحّة ، وأمّا المقدّمة الثانية فللمنع عنها مجال ، إذ استحقاق العقاب وعدمه ليس من المسائل الفقهيّة الشرعيّة التي ينعقد عليه الإجماع ( بل إنّه حكم العقل ) وليس في أدلّة الباب ما يدلّ على العقاب مع أنّه لو سلّم انعقاد الإجماع على إستحقاق العقاب ففي اعتبار مثل هذا الإجماع ( لعلّ نظره إلى كونه مدركيّاً وأنّ مباني المجمعين مختلفة ) إشكال.
ثمّ إنّه ـ مع إعترافه بتماميّة هذا الوجه حيث إنّ مبنى الإشكال كان على تسليم المقدّمتين ـ تخلّص عنه بعد فرض صحّتهما بوجه آخر ضمن ثلاث مسائل : الاولى : مسألة الجهر في موضع الإخفات وبالعكس ، والثانية : مسألة القصر في موضع الإتمام ، والثالثة مسألة الإتمام في موضع القصر ، التي ينبغي حذفها في المقام لكونها شاذّة ولم يقل بها إلاّقليل فتبقى المسألتان الأوّليان.
أمّا المسألة الاولى فقال فيها : يمكن أن يكون الواجب على عامّة المكلّفين هو القدر المشترك بين الجهل والإخفات ، سواء في ذلك العالم والجاهل ، ويكون الجهر والإخفات في موارد وجوبهما واجبين مستقلّين نفسيين في الصّلاة ، وتكون الصّلاة ظرفاً لامتثالهما ، ولكن
__________________
(١) فوائد الأصول : ج ٤ ، ص ٢٩٢ ، طبع جماعة المدرّسين.