عمليّة لكيفية الهجوم على العدوّ ، كلّ هذه الامور موكولة إلى نظر السلطان وولي الأمر ، وتكون من شؤون ولايته ، فالوالي بما أنّه والٍ لا يكون مأموراً إلاّبما ذكر ، ولذلك سمّينا الأحكام السلطانية بالأحكام الإجرائية الجزئيّة التي تختلف باختلاف الظروف المختلفة.
نعم ، يمكن أن يكون حكم الحاكم كلّياً بالإضافة إلى مقطع خاصّ من الزمان ، كتحريم شرب التتن التي صدرت من ناحية الميرزا الشيرازي رحمهالله ، ولكنّها أيضاً كانت حكماً إجرائيّاً صدرت منه في سبيل إجراء حكم إلهي كلّي وهو المنع عن استيلاء الكفّار على المسلمين : ( وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً ) (١).
بل يمكن أن يقال : إنّها لم تكن من الأحكام السلطانيّة أصلاً بل هى من الأحكام الإلهيّة الثانويّة التي تجب بتحقّق عناوين ثانوية ، فإنّ شرب التتن في ذلك الزمان حيث إنّه صار مقدّمة لإستيلاء الكفّار المحرّم ومصداقاً من مصاديق المحاربة مع صاحب الولاية عليهالسلام صار حراماً من باب أنّه مقدّمة للحرام ، ومقدّمة الحرام من العناوين الثانوية ، نعم تطبيق العناوين الثانوية على موضوعاتها ومصاديقها أيضاً من شؤون ولاية الحاكم.
إذا عرفت هذا فنقول : لا إشكال في أنّ الضرر والضرار من الموضوعات الكلّية التي لها في الشرع حكم كلّي لا محالة ، وتكون في حيطة التشريع الإلهي ، وليست من سنخ تلك الامور الخاصّة التي تكون في حيطة سلطنة ولي أمر المسلمين.
وبعبارة اخرى : المعلوم من مذهبنا عدم خلوّ واقعة من حكم إلهي ، وإنّه لا فراغ من ناحية القانون في الشريعة المقدّسة الإسلاميّة حتّى بالنسبة إلى أرش الخدش ، وما يسمّى اليوم في الحكومة الإسلاميّة بمجلس التقنين فهو بمعنى تطبيق الكلّيات على موضوعاتها لا الجعل والتشريع كما لا يخفى على أحد.
إن قلت : إن لم يكن للنبي صلىاللهعليهوآله مقام التشريع والتقنين فما هو المراد من فرض النبي صلىاللهعليهوآله في بعض الروايات في مقابل فرض الله تعالى ، كالرواية الواردة في باب الصّلاة ، القائلة بأنّ الركعة الاولى والثانية فرض الله ، والركعة الثالثة والرابعة فرض النبي صلىاللهعليهوآله ، وأنّه فوّض إليه صلىاللهعليهوآله هذا المنصب؟ فليكن ما نحن فيه أيضاً من هذا القبيل.
__________________
(١) سورة النساء : الآية ١٤١.