التسليم وسعك » حيث إنّه يستشمّ منه أنّ نفس التسليم في مقابل الأئمّة وسلوك الطريق الذي فتحوه أمامنا يكون ذا مصلحة.
ولكن هذا التعبير ورد في ثلاث روايات :
إحديها : مكاتبة محمّد بن عبدالله بن جعفر الحميري.
وثانيها : ما رواه أحمد بن الحسن الميثمي عن الرضا عليهالسلام.
وثالثها : مرسلة الكليني ، وقد مرّ أنّ الأوّليين واردتان في المستحبّات وهى خارجة عن محلّ الكلام ، والثالثة مرسلة.
هذا ـ مضافاً إلى ما ورد في صدر بعضها ( وهو رواية الميثمي ) من لزوم أعمال المرجّحات أوّلاً : حيث إنّ أعمال المرجّح بين الخبرين إنّما يتصوّر فيما إذا كان خصوص أحدهما طريقاً إلى الواقع وأردنا تعيينه من بينهما بالمرجّح ، وإلاّ إذا كان لسلوك كلّ منها مصلحة فلا حاجة إلى ترجيح أحدهما على الآخر والأخذ بخصوصه ، فإذا كان الصدر كذلك يحمل عليه الذيل أيضاً ، بل الإنصاف أنّ قوله « من باب التسليم » ليس له ظهور في السببيّة وإن كان له دلالة عليها ، فهى في حدّ الإشعار ، فلا تكون دليلاً على شيء.
ووجه الاحتمال الثالث : إنّا نعلم بصدور أحد الخبرين وصدقه ، ولا إشكال في أنّ مقتضى القاعدة في موارد دوران الأمر بين المحذورين مع العلم بصدق أحدهما هو التخيير.
وفيه : أنّه مبنى على حصول العلم بصدور أحدهما ، وأنّى لنا بإثباته؟
بل المفروض العلم بكذب أحدهما فقط ، وأمّا الآخر فهو دليل ظنّي في نفسه يحتمل الكذب أيضاً ، وقد عرفت أنّ أدلّة الحجّية لا تشمل شيئاً منهما بعد فرض التعارض.
الأمر الثاني : في أنّ التخيير في المقام واقعي أو ظاهري؟
فإن كان واقعياً كان نظير التخيير بين خصال الكفّارات والتخيير بين الحمد والتسبيحات الأربعة في الركعتين الأخيرتين ، وإن كان ظاهرياً كان نظير التخيير بين الوجوب والحرمة عند دوران الأمر بين المحذورين في الحكم الظاهري.
والصحيح في ما نحن فيه هو الثاني ، لأنّ المختار فيه هو مبنى الطريقيّة والعلم بكذب أحد الخبرين لأنّ المصلحة حينئذٍ لو كانت فإنّما هى في واحد منهما ، فلا يتصوّر حينئذٍ التخيير الواقعي لأنّه إنّما يتصوّر فيما إذا وجدت المصلحة في كلّ من الأطراف.