يصنع؟ قال : فهو في سعة حتّى يلقاه » (١).
ولا إشكال في أنّه ظاهر في التخيير بين مدلولي الخبرين في العمل.
ومنها : مرسلة الكليني المذكورة سابقاً ( فإنّه قال : « وفي رواية اخرى بأيّهما أخذت من باب التسليم وسعك » (٢) ).
وهكذا رواية الحسن بن الجهم (٣). ورواية الحارث بن المغيرة (٤) المذكورتان في السابق أيضاً.
نعم المستفاد من مرفوعة زرارة كما عرفت هو التخيير في المسألة الاصوليّة ، ولكن الكلام بعد في سندها.
وأمّا الاستدلال للقول بكون التخيير في المسألة الاصوليّة بأنّ التحيّر حاصل للمجتهد فقط ، فيمكن الجواب عنه بأنّ الموضوع في روايات التخيير هو الخبران المتعارضان لا المتحيّر ، فإنّه لم يرد هذا العنوان في شيء من هذه الروايات ، فإذن الأظهر هو ما ذهب إليه المشهور.
ثمّ إنّه لو شككنا في المسألة ولم نعلم أنّه هل التخيير للمجتهد أو للمقلّد فمقتضى الأصل هو الأوّل ببيانين :
أحدهما : أنّه من قبيل دوران الأمر بين التعيين والتخيير ، لأنّ لازم كون التخيير في المسألة الاصوليّة أن يفتي المجتهد بأحد الخبرين تعييناً ، ولازم التخيير في المسألة الفقهيّة أن يفتي بالتخيير بينهما ، فعلى القول بأنّ مقتضى القاعدة في دوران الأمر بينهما هو التعيين تكون النتيجة كون التخيير في المسألة الاصوليّة.
ثانيهما : إنّا نعلم بحجّية ما اختاره المجتهد منهما قطعاً ونشكّ في حجّية الآخر ، وقد ثبت في محلّه أنّ مجرّد الشكّ في الحجّية كافٍ لإثبات عدمها.
الأمر الرابع : هل التخيير بدوي أو استمراري؟ والمراد من التخيير البدوي أنّه لو اختار
__________________
(١) وسائل الشعية : الباب ٩ ، من أبواب صفات القاضي ، ح ٥.
(٢) المصدر السابق : ح ٦.
(٣) المصدر السابق : ح ٤٠.
(٤) المصدر السابق : ح ٤١.