إنسان فإنّ عمدة المنطق إنّما هى الأشكال الأربعة ، وجلّ استدلالات الناس ( لولا كلّها ) ترجع إلى الشكل الأوّل ، وقد ذكروا أنّه بديهي الإنتاج ، وأمّا السائر المسائل فقلّما يتّفق الحاجة إليها في الفقه ، نعم الإحاطة ببعض المصطلحات فيها ربّما توجب سهولة الأمر في بيان الاستدلالات ، كالإحاطة بالنسب الأربعة والكلّيات الخمس والوَحَدات المعتبرة في التناقض وغيرها.
وهكذا الفلسفة ، فلا دخل لها بعلم الفقه لأنّها تبحث عن الامور الحقيقيّة ، بينما الفقه يبحث عن الاعتباريات ، نعم يمكن أن يقال : أنّ لها تأثيراً في الفقه من باب تأثيرها في علم الكلام فليس لها دخل مباشرة وبلا واسطة.
هذا ـ وقد أوجد الخلط بين مسائلها ومسائل اصول الفقه غوامض وتعقيدات كثيرة قد أشرنا إلى بعضها في بعض الأبحاث السابقة ، ومن تلك المسائل الفلسفية التي أوردوها في الاصول قاعدة الواحد ، مع أنّه قد قرّر في محلّه أنّها مختصّة بالواحد البسيط الحقيقي ، ولا مساس لها بالاعتباريات ، ومنها قاعدة عدم جواز الجمع بين النقيضين في باب إجتماع الأمر والنهي ، مع أنّه أيضاً يتكلّم عن الحسن والقبح في الاعتباريات لا عن الإمكان والاستحالة في الحقائق ، ولا استحالة في اعتبار النقيضين ، ومنها تنزيلهم الحكم والموضوع بمنزلة العرض والمعروض وإسراء أحكامهما عليهما ، ومنها أحكام العلّة والمعلول في باب الواجب المشروط وباب تداخل الأسباب الشرعيّة.
نعم ، قد يلزم البحث عنها في عصرنا هذا للمنع عن هذا التداخل.
وأمّا علم المعاني والبيان فغاية ما قد يقال في تأثيره في الاستنباط والاجتهاد : أنّ من المرجّحات في الخبرين المتعارضين البلاغة والفصاحة ، مع أنّ الصحيح أنّهما ليسا من المرجّحات ، لأنّ كلمات الأئمّة المعصومين عليهمالسلام مختلفة ، قسم منها عبارة عن الخطب والمواعظ ، وقد أعملوا فيها قواعد الفصاحة والبلاغة وبدائعها ، نظير خطب نهج البلاغة وأدعية الصحيفة السجّادية وأشباهها.
وقسم آخر صدر لبيان الأحكام الفرعيّة والمسائل العمليّة ، فلم يصدر عنهم صلوات الله عليهم ببدائع الفصاحة والبلاغة كما لا يخفى على الخبير ، وفي الواقع القسم الأوّل نظير الآيات القرآنية ، بينما يكون القسم الثاني شبيه الأحاديث القدسية الإلهيّة.