لعلّ ذلك كان من الشّيطان ، فادخل أهله عليه وبات ليلة دخوله قائماً يصلّي وينتظر ما يكون من الله ، حتّى إذا أصبح غدا عليه فأصابه على أحسن حال ، فحمد الله وأثنى عليه ، فلمّا كان اللّيل نام فأتاه ذلك الذي كان أتاه في منامه فقال : إنّ الله عزّ وجلّ دفع عن ابنك وأنسأ (١) أجله ، بما صنع بالسائل ، فلمّا أصبح غدا على ابنه فقال : يا بنيّ هل كان لك صنيع صنعته بسائل في ليلة ابتنائك بامرأتك ؟ فقال : وما أردت من ذلك ؟ قال : تخبرني به ، فاحتشم (٢) منه ، فقال : لا بدّ من أن تخبرني بالخبر ، قال : نعم لمّا فرغنا ممّا كنّا فيه من إطعام النّاس ، بقيت لنا فضول كثيرة من الطّعام ، وأدخلت إلى المرأة ، فلمّا خلوت بها ودنوت منها ، وقف سائل بالباب فقال : يا أهل الدّار واسونا ممّا رزقكم الله ، فقمت إليه وأخذت بيده وأدخلته وقرّبته إلى الطّعام ، وقلت له : كل من الطّعام ، فأكل حتّى صدر (٣) ، وقلت : ألك عيال ؟ قال : نعم ، قلت ، فاحمل إليهم ما أردت ، فحمل ما قدر عليه ، وانصرف وانصرفت أنا إلى أهلي ، فحمد الله أبوه ، وأخبره بالخبر » .
[ ٧٩٥٩ ] ٣ ـ وعن علي بن الحسين ( عليهما السلام ) ، أنّه نظر إلى حمام مكّة ، قال : « أتدرون ما سبب كون هذا الحمام في الحرم ؟ » قالوا : ما هو يا ابن رسول الله ؟ قال : « كان في أوّل الزّمان ، رجل له دار فيها نخلة قد آوى إلى خرق في جذعها حمام ، فإذا فرّخ صعد الرّجل فأخذ فراخه فذبحها ، فأقام بذلك دهراً طويلاً لا يبقى له نسل ، فشكا ذلك
__________________________
(١) النسَأ : التأخير ( مجمع البحرين ـ نسأ ـ ج ١ ص ٤١٤ ) .
(٢) احتشم : استحى . ( مجمع البحرين ـ حشم ـ ج ٦ ص ٤١ ) .
(٣) الصَّدَر : الانصراف عن الشيء ( لسان العرب ـ صدر ـ ج ٤ ص ٤٤٨ ) والمراد هنا الشبع .
٣ ـ دعائم الإِسلام ج ١ ص ٢٤٢ باختلاف يسير في الالفاظ .