.................................................................................................
______________________________________________________
وبالجملة : العمدة في المقام الصحيحتان ، أي صحيحة عمر بن يزيد وصحيحة أحمد ابن عمر الحلال المتقدمتين (١) وهما كما عرفت متعارضتان ، إلّا أن صحيح أحمد بن عمر الحلال الآمر بالرجوع يتقيد بعدم المشقة وعدم العسر ، لصحيح أبي بصير يعني المرادي قال : «سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل نسي أن يصلي ركعتي طواف الفريضة خلف المقام ، وقد قال الله تعالى (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى) حتى ارتحل ، قال : إن كان ارتحل فاني لا أشق عليه ولا آمره أن يرجع ، ولكن يصلي حيث يذكر» (٢) فتنقلب النسبة بين خبر أحمد بن الحلال وبين خبر عمر بن يزيد من التعارض والتباين إلى العموم والخصوص.
فالنتيجة : من شقّ عليه الرجوع يصلي حيث ذكر وإلّا فيرجع فيصلي عند المقام فيتم ما حمله الشيخ من حمل صحيحة عمر بن يزيد على المشقة والحرج وحمل صحيح أحمد بن الحلال على صورة عدم الحرج ، فالجمع بينهما بما ذكر ليس جمعاً تبرعياً ، بل الجمع بذلك على القاعدة.
ومما ذكرنا يظهر الحال في حكم الرجوع من عرفات ونحوها ، فالحكم بلزوم الرجوع وعدمه يدور مدار المشقة والحرج.
وأمّا الثاني : وهو ما إذا خرج من مكة مرتحلاً إلى بلاده ، فتارة يتذكر قريباً من مكة ويمكنه الرجوع بحيث لا يكون عليه مشقة وحرج ، ففي صحيح عمر بن يزيد «في من نسي ركعتي الطّواف حتى ارتحل من مكة ، قال : إن كان قد مضى قليلاً فليرجع فليصلهما ، أو يأمر بعض الناس فليصلهما عنه» (٣).
وذكر في الحدائق أنه يدل على التخيير بين الرجوع والاستنابة في فرض التمكن من الرجوع ، فليس الأمر كما ذكره المشهور من تعيّن الرجوع عليه في فرض التمكن من
__________________
(١) في ص ١١٢.
(٢) الوسائل ١٣ : ٤٣٠ / أبواب الطّواف ب ٧٤ ح ١٠.
(٣) الوسائل ١٣ : ٤٢٧ / أبواب الطّواف ب ٧٤ ح ١.