.................................................................................................
______________________________________________________
الراوي شاكاً في الحكم بجواز التأخير اختياراً ولم يكن عالماً بالحكم فسأل ، ولم يكن يعتقد عدم الجواز ولذلك سأل ، فالحكم بالجواز لا يقتصر بصورة الحرج بل يجوز التأخير إلى الليل اختياراً.
وممّا يؤكد ما ذكرنا أي جواز الفصل إلى الليل مطلقاً وإن لم يكن حرج أنه لو كان الحكم مقتصراً على الحرج لكان على الإمام (عليه السلام) التقييد إلى أول زمان الإبراد ولم يقيد بذلك ، ومقتضى الإطلاق جواز التأخير إلى أول زمان الإبراد وأوسطه وآخره. وبالجملة : المستفاد من الصحيحة عدم لزوم التعجيل.
ومنها : صحيحة محمد بن مسلم ، قال : «سألت أحدهما (عليهما السلام) عن طاف بالبيت فأعيى أيؤخر الطواف بين الصفا والمروة؟ قال : نعم» رجل (١).
ومن عدم تعيينه زمان التأخير يستفاد جواز التأخير إلى أيّ وقت شاء ، والتعب من دواعي التأخير فلم يكن الجواز مقيداً إلى زمان زوال التعب.
ويكفينا الأصل في عدم اعتبار اتصال السعي بالطواف.
وأمّا التأخير إلى الغد فقد ورد النهي عنه في صحيحة العلاء ، قال : «سألته عن رجل طاف بالبيت فأعيى أيؤخر الطّواف بين الصفا والمروة إلى غد؟ قال : لا» (٢) والرواية صريحة في المنع عن التأخير إلى الغد ، وعليه لم يعلم مستند المحقق في حكمه بالجواز إلى الغد.
ومن المحتمل أن الغاية في كلامه أي الغد خارجة عن المغيى لا داخلة فيه ، فيكون الغد مما ينتهي إليه الحكم بالجواز ، وهذا الاحتمال قريب وشائع في الاستعمالات أيضاً ، كقوله تعالى (أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ) الآية (٣) وقوله تعالى (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ) (٤) فان الليل وكذا غسق الليل غير داخل في المغيى قطعاً ، فاذن يرتفع الخلاف ولا يكون المحقق مخالفاً في المسألة.
__________________
(١) الوسائل ١٣ : ٤١١ / أبواب الطّواف ب ٦٠ ح ٢.
(٢) الوسائل ١٣ : ٤١١ / أبواب الطواف ب ٦٠ ح ٣.
(٣) البقرة ٢ : ١٨٧.
(٤) الإسراء ١٧ : ٧٨.