.................................................................................................
______________________________________________________
عربة مغصوبة أو طاف في اللباس المغصوب يبتني على مسألة أُصولية ، وهي أن حرمة المسبب هل تسري إلى السبب؟ وبعبارة اخرى : حرمة ذي المقدمة تستدعي حرمة المقدمة ، كما أن وجوب ذي المقدمة يقتضي وجوب المقدمة؟ فإن بنينا على ذلك فبما أن المعلول وهو حركة اللباس والتصرف فيه محرّم ، والعلّة إنما هي الطّواف وحركة البدن حول البيت فتكون محرمة بالسراية ، وبما أن الطّواف أمر عبادي لا يمكن أن يكون محرّماً فيبطل.
ولكن ذكرنا في المباحث الأُصولية (١) أنه لا أساس للسراية بين العلّة والمعلول فإنّهما موجودان مستقلّان وإن كان أحدهما علّة والآخر معلولاً فلا موجب للسريان.
نعم ، لو كان الوجود واحداً والعنوان متعدداً كالأسباب التوليدية ، فالسراية مسلّمة ، لأن الموجود الخارجي واحد والتعدّد إنما هو في العنوان كالهتك المسبب عن فعل من الأفعال ، فكل ما يوجب الهتك يكون محرّماً.
وبعبارة واضحة : في مورد الأفعال التوليدية ليس في الخارج وجودان ، بل وجود واحد ينتزع منه العنوانان ، فالعبرة بوحدة الوجود الخارجي ، ولذا ذكرنا أن من صلى فرادى في محل تقام فيه الجماعة يحكم بفساد صلاته ، لاستلزامه هتك الإمام فيكون فعله مصداقاً للهتك ، ولا يمكن التقرّب به لعدم اجتماع الحرمة والفعل القربي ، وأمّا إذا كان الموجود الخارجي أمرين ، وإن كان أحدهما علّة والآخر معلوماً كما في المقام لأن حركة البدن علّة لحركة اللباس فلا موجب للسراية ، لأن أحدهما من عوارض البدن والآخر من عوارض اللباس فأحدهما أجنبي عن الآخر من هذه الجهة.
هذا في اللباس غير الساتر ، وأمّا المركوب فهو على عكس اللّباس يعني حركة المركوب علّة لحركة البدن والطّواف ولا تسري الحرمة من العلّة إلى المعلول ، أي لا تسري الحرمة من المقدّمة إلى ذي المقدّمة ، وعدم السراية هنا أوضح من باب اللباس ، ولذا لا يكون السفر على دابة مغصوبة موجبة لكون السفر معصية ، فإن المحرّم هو الركوب على الدابة لا السفر والبعد من الوطن.
__________________
(١) أشار إلى ذلك في مصباح الأُصول ٢ : ٥٤٨.