.................................................................................................
______________________________________________________
الوقوف من الزوال ، لذهاب المشهور إلى وجوبه ، وأمّا من حيث المنتهي فقد عرفت أيضاً أنه إلى الغروب واستتار القرص ، ولكن الوقوف في تمام هذه المدّة من المبدإ إلى المنتهي واجب تكليفي فقط ، والركن منه الذي بتركه يفسد الحج هو مسمّى الوقوف وحيث ثبت أن الواجب هو الوقوف إلى الغروب فلو خالف وأفاض قبل الغروب ، فان كان بعنوان الإفاضة بحيث يكون بانياً على عدم الرجوع ولم يرجع ، فتارة يكون ذلك مستنداً إلى العلم والعمد ، وأُخرى عن الجهل وثالثة عن النسيان.
أمّا الجهل فلا يجب عليه شيء ، لأنه معذور لا يترتب أثر على فعله ، وتدل عليه معتبرة مسمع عن أبي عبد الله (عليه السلام) «في رجل أفاض من عرفات قبل غروب الشمس قال : إن كان جاهلاً فلا شيء عليه ، وإن كان متعمداً فعليه بدنة» (١).
وأمّا النسيان فالأصحاب جعلوا حكمه حكم الجهل وأنه لا شيء عليه ، ولكن صاحب الحدائق استشكل هنا كما في المسألة السابقة من أن حكم الناسي غير مذكور في الروايات وإلحاقه بالجاهل مما لا دليل عليه ، ولا بأس باختصاص الحكم بالجاهل لأنه أعذر ، والناسي بسبب علمه سابقاً وغفلته لاحقاً لا يساوي الجاهل الذي لا علم له أصلاً ، ولهذا ورد النص على وجوب قضاء الصلاة على ناسي النجاسة دون جاهلها (٢).
ويرد عليه : ما تقدّم (٣) من أن الناسي أولى بالعذر من الجاهل البسيط ، لسقوط التكليف في مورد النسيان دون الجهل. ومع الإغماض يكفينا في سقوط الكفارة عن الناسي حديث الرفع ، فان مقتضاه أن الفعل الذي وقع عن نسيان كأنه لم يقع ولم يترتب عليه أيّ أثر.
مضافاً إلى ذلك : أن نفس معتبرة مسمع كافية في أنه لا شيء على الناسي ، وذلك لأنه ذكر المتعمد في قبال الجاهل ، والمراد من المتعمد من يقصد المخالفة والناسي غير
__________________
(١) الوسائل ١٣ : ٥٥٨ / أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة ب ٢٣ ح ١.
(٢) الحدائق ١٦ : ٣٨٣.
(٣) في الصفحة السابقة.