.................................................................................................
______________________________________________________
ولا يخفى أن السؤال ناظر إلى فوت الواجب في وقته لعروض عارض من العوارض وقد حكم (عليه السلام) بالقضاء في الغد ، والمستفاد من ذلك قضاؤه في الأيام التي يجب عليها الرمي ، وهي أيام التشريق فيجمع بين الأداء والقضاء مع التفريق بينهما كما سيأتي ، وأمّا بعد انقضاء أيام التشريق الذي لا يجب فيه الرمي فلا دليل على قضاء ما فاته من رمي جمرة العقبة.
وبعبارة اخرى : تدل الصحيحة على القضاء فيما إذا أصبح أي في الغد ولكن لا بدّ من إلغاء اعتبار الغد ، إذ لا خصوصية له ، فالمستفاد منها وجوب القضاء في الأيام التي يجب فيها الرمي ، فيجمع بين الأداء والقضاء مع الفصل بينهما ، وأمّا اليوم الذي لا يجب فيه الرمي أداء فالصحيحة غير دالة على قضاء ما فاته من رمي جمرة العقبة ، فإذن لا دليل على القضاء بعد انقضاء أيام التشريق ، ولذا قيّدنا وكذلك الفقهاء القضاء بأيام التشريق.
ثم إن هذه الصحيحة لم يذكر فيها أن سبب الترك كان هو النسيان أو الجهل ، بل المذكور فيها أنه عرض له عارض فلم يرم ، وهذا يشمل الناسي والجاهل بل يشمل الترك عن التساهل والتسامح في إتيان الرمي ونحو ذلك من الموانع والعوارض ، فالميزان ما يمنعه عن أداء الواجب. على أنه لو ثبت التدارك في مورد النسيان ففي مورد الجهل أولى ، لأن مورد النسيان لا تكليف أصلاً بخلاف مورد الجهل فإنه يمكن التكليف في مورده.
ويمكن أن يستدل بصحيح جميل الوارد في جميع أعمال الحج الدال على أن تأخير ما حقه التقديم وبالعكس غير ضائر بصحة العمل ، فقد روى المشايخ الثلاثة بسند صحيح عن جميل بن دراج ، قال : «سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يزور البيت قبل أن يحلق ، قال : لا ينبغي إلّا أن يكون ناسياً ، ثم قال : إن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) أتاه أُناس يوم النحر فقال بعضهم : يا رسول الله إني حلقت قبل أن أذبح وقال بعضهم : حلقت قبل أن أرمي ، فلم يتركوا شيئاً كان ينبغي أن يؤخروه