ثمّ إنّه إذا بطلت العمرة بطل إحرامه أيضاً على الأظهر (١) والأحوط الأولى حينئذ العدول إلى حج الافراد ، وعلى التقديرين تجب إعادة الحج في العام القابل.
______________________________________________________
(١) فحينئذ لا حاجة إلى المحلل بعد فساد النسك بتعمد ترك الطّواف ، ضرورة بطلان الإحرام الّذي هو جزء من العمرة ببطلان الطّواف وفساده ، فانّ الإحرام إنّما يكون جزءاً للنسك إذا لحقه بقية الأجزاء ، فالإحرام الملحوق بسائر الأعمال والأجزاء جزء للنسك ، فلو انقطع ولم يأت ببقية الأعمال على وجهها ينكشف عن أنّ الجزء الأوّل لم يكن بواجب وبمأمور به أصلاً كما هو الحال في تكبيرة الإحرام ، فإنّ التكبيرة إنّما تكون جزءاً للصلاة إذا أتى المصلي ببقية الأجزاء اللّاحقة ، فجزئية التكبيرة مشروطة بإتيان الأجزاء اللّاحقة على نحو الشرط المتأخر ، وكذلك المقام ، إذ ليس مجرد قوله : لبيك يكون إحراماً ما لم يأت ببقية الأعمال ، فاذا لبى ولم يطف ولم يذهب إلى عرفات فلم يأت بالمأمور به من الأوّل ويكشف عن أنّ الإحرام الصادر منه ملغى لا يترتّب عليه أيّ أثر ، من دون فرق بين العلم والجهل ، لعدم إتيانه بالمأمور به ، وما أتى به مجرّداً عن الأجزاء اللّاحقة غير مأمور به.
وبما ذكرنا ظهر فساد ما نسب إلى المحقق الكركي من بقائه على إحرامه ومحرماته إلى أن يأتي بالفعل الفائت في محله وهو السنة الآتية (١).
على أنّه يسأل المحقق المذكور أن هذا الشخص يحج في السنة الآتية بالإحرام الأوّل ومن دون تجديده ، فهذا ينافي ما ذكروه من اعتبار وقوع العمرة والحج في سنة واحدة ، وإن التزم بإحرام آخر فلا معنى لبقائه على إحرامه الأوّل ، فإن تجديد الإحرام يكشف عن بطلان الإحرام الأوّل ، ولكن مع ذلك الأحوط استحباباً أن يعدل إلى الإفراد ، لعدّة من الروايات المتقدمة في تلك المسألة (٢) ، ولكن موردها عدم الإدراك اضطراراً والترك عن غير اختيار ، ولا تشمل مورد الترك الاختياري العمدي
__________________
(١) لاحظ جامع المقاصد ٣ : ٢٠١.
(٢) راجع شرح العروة ٢٧ : ٢٢٩ ذيل المسألة [٣٢١٠].