.................................................................................................
______________________________________________________
فنقول : لو تصرف نصف الثلث بأن أهداه للغني وأهدى البقيّة للفقير فلا ضمان عليه أصلاً ، لصدق الإهداء على ما أعطاه للفقير ، لعدم أخذ الغنى في الهدية ، فإن الهدية إعطاء شيء مجاناً سواء كان المهدى له غنياً أو فقيراً ، فحينئذ قد عمل بوظيفته من إعطاء الثلث هدية وإعطاء الثلث الآخر صدقة.
نعم ، لو عكس الأمر وأعطى جميع الثلثين للغنى ، أو أعطى بعض الثلث للفقير والبقيّة للغني ، فعلى مسلك من لا يرى التثليث بالتساوي فقد عمل بوظيفته أيضاً وعلى مسلك من يرى التثليث بنسبة متساوية كما هو المختار يكون ضامناً لحصة الفقراء.
وأمّا لو باعه أو أتلفه باختياره ولو بإعطائه لغير أهله ضمن الثلثين ، وعللوا الضمان بأن الفقير له حق في المال ، فالمال مما تعلق به حق الغير فإتلاف المال إتلاف لحق الغير وذلك يوجب الضمان. وناقش فيه بعضهم بأن في المقام ليس إلّا حكماً تكليفياً وهو الذبح وإعطاؤه للغير ، ولو تركه فقد ترك حكماً تكليفياً وذلك غير موجب للضمان.
ولكن الظاهر أن الضمان لا يتوقف على ثبوت حق للفقير أو الصديق في المال ، بل سبب الضمان قاعدة على اليد ، فإنها وإن لم تثبت بدليل لفظي ولكن السيرة قائمة على الضمان في الإتلاف الاختياري واليد العادية ، فإذا كان التلف بتفريط ممن وضع يده على مال أحد يضمن له بالسيرة العقلائية ، ولا يتوقف الضمان على أن يكون المال ملكاً لأحد أو متعلقاً لحق الغير ، بل كل مال له مصرف خاص وفرّط الشخص ولم يصرفه في المصرف الخاص يكون ضامناً له ، ومن ذلك الأموال التي تصرف في المواكب الحسينية ، فلو أعطى أحد مقداراً من المال للصرف في المواكب فقد خرج المال عن ملكه ولا يدخل في ملك الغير ، فلا بدّ من صرفه في سبيل الحسين (عليه السلام) فلو أتلف الآخذ المال ولم يصرفه في سبيل الحسين (عليه السلام) فهل يحتمل أنه لا ضمان عليه ، لأن المال لم يكن ملك أحد وخرج من ملك مالكه ، فإن السيرة قاضية بالضمان قطعاً في أمثال هذه الموارد ، بل صريح أخبار الزكاة الضمان لو فرّط في المال الزكوي مع أن الزكاة ليست ملكاً لأحد ، وما ذكر في الآية الشريفة من الأصناف إنما هو لبيان مصرف الزكاة ، لا أنها ملك الفقراء أو المساكين ، نعم لو أخذها الفقير يملك.