.................................................................................................
______________________________________________________
ومنها : رواية سليمان بن مهران «كيف صار الحلق على الصرورة واجباً دون من قد حج؟ قال : ليصير بذلك موسماً بسمة الآمنين ، ألا تسمع قول الله عزّ وجلّ (لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ) (١) فان المفروض عندهم كان وجوب الحج وإنما يسأل عن العلة لذلك. وفيه : ضعف السند بعدة من المجاهيل الواقعين في السند.
فالمقتضي لوجوب الحلق قاصر ، لما عرفت من أن النصوص بين ما هي ضعيفة السند وضعيفة الدلالة. مضافا إلى أن التعليل بذكر المحلقين في الآية مما لا نفهمه ، فان التقصير مذكور في الآية أيضاً.
وعلى تقدير التنزل وتسليم تمامية المقتضي (٢) والالتزام بعدم قصور الأدلّة عن الوجوب فالمانع والقرينة الخارجية موجودة على عدم الوجوب ، فلا بدّ من رفع اليد عن الأدلّة المقتضية ، والمانع هو قوله تعالى (لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ) ... (٣) فان الله تعالى وعد المسلمين بأنهم يدخلون المسجد الحرام حال كونهم محلِّقين ومقصِّرين أي تدخلون المسجد الحرام وأنتم بين محلِّق ومقصِّر ، وهذا لا ينطبق إلّا على دخولهم المسجد الحرام بعد الفراغ من أعمال ومناسك منى ، وأمّا في دخولهم الأوّل إلى المسجد الحرام لأداء عمرة التمتّع أو العمرة المفردة أو لحج القران والإفراد فلم يكونوا محلِّقين ولا مقصِّرين حين الدخول ، والظاهر من الآية الكريمة أنهم يدخلون حال كونهم محلِّقين ومقصِّرين ، فقوله تعالى محلِّقين مقصِّرين حال للدخول ، وهذا ينطبق على إتيان أعمال الحج ومناسك منى ، فالآية الشريفة واردة مورد الحج.
إذا عرفت ذلك فلا ريب في أن حج المسلمين الذين حجّوا مع النبي (صلّى الله عليه
__________________
(١) الوسائل ١٤ : ٢٢٥ / أبواب الحلق ب ٧ ح ١٤.
(٢) من هنا شرع في المقام الثاني.
(٣) الفتح ٤٨ : ٢٧.