فان تعذّر الرجوع أو تعسّر عليه قصّر أو حلق في مكانه وبعث بشعر رأسه إلى منى إن أمكنه ذلك (١).
______________________________________________________
بطلان الحج بذلك في مورد الجهل فإنه لا يبطل في العمد فضلاً عن الجهل ، وقد عرفت أن المستفاد من صحيح الحلبي وجوب إلقاء الشعر حلقاً أو تقصيراً في منى ، ومورده وإن كان النسيان ولكن لا خصوصية له ، فخصوصية النسيان ملغاة.
والنتيجة : أن حكم الجاهل كالناسي ويؤيده خبر أبي بصير.
وأمّا المتعمد : فالمستفاد من صحيحة محمد بن مسلم (١) هو الصحة ، لأنه يسأل فيها عمن زار البيت قبل أن يحلق وهو عالم بعدم جواز ذلك ، والغالب هو الخروج يوم العيد إلى مكة لطواف البيت ، فأجاب (عليه السلام) بأن عليه دم شاة ، ويعلم من ذلك أن حجّه صحيح وإنما عليه دم شاة. وأمّا بالنسبة إلى الحلق فوظيفته الإتيان به إذ لا موجب لسقوطه والواجب على ما هو عليه ، ومجرد تعمد الخروج من منى يوم العيد لا يوجب سقوط الواجب عنه ، وصحيح علي بن يقطين (٢) أيضاً حكم بالصحة وقال : لا بأس بالحج ، ويبقى عليه التقصير على ما هو وظيفته.
فتحصل : أنه في جميع الحالات : النسيان والجهل والعمد يحكم بصحة حجّه ولزوم الرجوع إلى منى للحلق أو التقصير ، نعم في خصوص العالم العامد على ما سيأتي يجب عليه إعادة الطّواف ، وأمّا الناسي والجاهل فلا ، فالحكم بالرجوع إلى منى للحلق أو التقصير فيها مشترك بين جميع الحالات الثلاثة من النسيان والجهل والعمد.
(١) هذه المسألة تنحل إلى حكمين :
أحدهما : أنه إذا لم يتمكن من الرجوع إلى منى والحلق فيها حلق في مكانه ولا يسقط عنه الحلق ، ويدلُّ عليه صحيح مسمع «في رجل نسي أن يحلق أو يقصّر حتى
__________________
(١) الوسائل ١٤ : ٢١٥ / أبواب الحلق ب ٢ ح ١.
(٢) الوسائل ١٤ : ٢١٧ / أبواب الحلق ب ٤ ح ١.