.................................................................................................
______________________________________________________
صحيحة إسحاق بن عمار «عن زيارة البيت تؤخر إلى يوم الثالث ، قال : تعجيلها أحب إليَّ (ليس به بأس إن أخره)» (١). فتكون هاتان الروايتان قرينة على أن الأمر الواقع في تلك الروايات للاستحباب كما صرح بذلك في صحيحة عبد الله بن سنان ، فما ذهب إليه المشهور لا يمكن مساعدته.
وأمّا التأخير إلى طول ذي الحجة فقد استشكل فيه غير واحد من الأعلام منهم صاحب الحدائق ، بدعوى أن غاية ما يستفاد من الروايات جواز التأخير إلى آخر أيام التشريق وأمّا التأخير إلى آخر شهر ذي الحجة فلا (٢).
ولكن الظاهر جواز التأخير إلى آخر ذي الحجة ، لصحيح الحلبي «عن رجل نسي أن يزور البيت حتى أصبح؟ قال : لا بأس أنا ربما آخرته حتى تذهب أيام التشريق ولكن لا تقرب النساء والطيب» (٣).
وصحيح هشام بن سالم «لا بأس إن أخرت زيارة البيت إلى أن يذهب أيام التشريق إلّا أنك لا تقرب النساء ولا الطيب» (٤) فإنهما وإن لم يصرحا بحج التمتّع ، ولكن ذيلهما شاهد على أن موردهما حج التمتّع ، وذلك لتحريم الطيب قبل الطّواف ، ومن المعلوم أن ذلك من مختصات حج التمتّع ، وأمّا حج الإفراد فيحل الطيب فيه بعد الحلق.
ثم إنه لو قلنا بإطلاقهما من حيث التأخير إلى آخر شهر ذي الحجة كما هو الظاهر فهو ، نعم لا يجوز التأخير إلى ما بعد شهر ذي الحجة ، للزوم إيقاع أفعال الحج في أشهر الحج لقوله تعالى (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ) (٥) ومن المعلوم أن شهر ذي الحجة من أشهر الحج ، وإن لم نقل بالإطلاق فلا أقل من أصالة البراءة من التقييد بيوم أو يومين بعد أيام التشريق ، فمقتضى أصالة البراءة جواز التأخير إلى طول ذي الحجة ،
__________________
(١) الوسائل ١٤ : ٢٤٦ / أبواب زيارة البيت ب ١ ح ١٠.
(٢) الحدائق ١٧ : ٢٧٧.
(٣) الوسائل ١٤ : ٢٤٣ / أبواب زيارة البيت ب ١ ح ٢.
(٤) الوسائل ١٤ : ٢٤٤ / أبواب زيارة البيت ب ١ ح ٣.
(٥) البقرة ٢ : ١٩٧.