.................................................................................................
______________________________________________________
السحر فلا بأس عليه أن ينفجر الصبح وهو بمكة» (١).
إنما الكلام في أن وجوب البقاء من الغروب إلى انتصاف الليل وجوب تعييني كما هو المشهور كما حكى عنهم في الرياض بأن ظاهر الأصحاب انحصار المبيت في النصف الأوّل ، فأوجبوا عليه الكون بها قبل الغروب إلى النصف الثاني (٢) أو وجوب تخييري كما نسب إلى الحلبي (٣) فلا فرق بين النصف الأول أو الثاني ، فيجوز له الخروج قبل الغروب من منى ويبقى في خارجها ويرجع إليها عند انتصاف الليل ويبقى إلى الفجر ولكن المشهور كما حكي عنهم خصوا الوجوب بالنصف الأول ولم يجوّزوا له الخروج اختياراً في أول الليل إلّا إذا اشتغل بالعبادة في مكة.
وما ذكروه لا تساعد عليه الأدلة ولم يرد في الروايات اختصاص البيتوتة بالنصف الأوّل ، ولم يرد منع عن اختيار النصف الثاني ، إلّا أن يقال بأن المنصرف من البيتوتة والمبيت بقاء مجموع الليل وتمامه في منى ، ولكن خرجنا عن ذلك بجواز الخروج بعد انتصاف الليل. وبعبارة اخرى : مقتضى ظاهر الأدلة وجوب البقاء من أول الغروب إلى آخر الليل ، خرجنا عن ذلك بجواز الخروج بعد نصف الليل ، فيبقى الباقي على الوجوب.
وهذا الكلام في نفسه لا بأس به ، لأن المنصرف من البيتوتة بقاء تمام الليل واستيعابه ويساعده اللغة (٤) وكثير من موارد استعمالاته ، ولكن نخرج عن ذلك بالنص ، فان الظاهر الاكتفاء بالمبيت بأحد النصفين وتساوي النصفين في تحصيل الامتثال ، ففي صحيحة معاوية بن عمار «فان خرجت أول الليل فلا ينتصف الليل إلّا وأنت في منى إلى أن قال وإن خرجت بعد نصف الليل فلا يضرّك أن تصبح في غيرها» (٥) فان المستفاد منها التخيير بين النصفين.
__________________
(١) الوسائل ١٤ : ٢٥٢ / أبواب العود إلى منى ب ١ ح ٤.
(٢) الرياض ٧ : ١٢٠.
(٣) الكافي لأبي الصلاح : ١٩٨.
(٤) لسان العرب ٢ : ١٦.
(٥) الوسائل ١٤ : ٢٥٤ / أبواب العود إلى منى ب ١ ح ٨.