.................................................................................................
______________________________________________________
أحدهما : أن صحيحة جميل وصحيحة محمد بن حمران المتقدمتين (١) تدلّان على الاجتزاء إذا قدّم ما حقه التأخير وأخّر ما حقه التقديم.
والجواب عنهما أوّلاً : أن الصحيحتين وردتا في أفعال الحج وأجزائه ولا تشملان كل عمل وفعل إذا كان خارجاً من أعمال الحج كطواف النساء وأعمال منى في أيام التشريق.
وثانياً : لو تنزلنا عن ذلك وقلنا بشمول الصحيحين لغير أعمال الحج أيضاً ، فنخرج عنهما بالصحيحة الواردة الآمرة بالإعادة فيما إذا نسي الترتيب ، ويلحق الجاهل بالناسي جزماً ، فتكون هذه الصحيحة تخصيصاً لخبر جميل وابن حمران ، وهي صحيحة مسمع «في رجل نسي رمي الجمار يوم الثاني فبدأ بجمرة العقبة ثم الوسطى ثم الأُولى ، يؤخر ما رمى بما رمى ، فيرمي الوسطى ثم جمرة العقبة» (٢).
ثانيهما : حديث رفع النسيان فإنه يرفع الجزئية والشرطية ، فخلاف الترتيب الواقع منه غير ضائر وكأنه لم تكن مخالفة.
والجواب عن ذلك : أن الحديث ينفي الحكم ولا يدل على إثباته ، فالرفع يرفع الحرمة ، وكذلك يرفع الأثر المترتب على الفعل لولا النسيان كالكفارة ، فيجعل الفعل الصادر منه كأن لم يقع ولا يترتب عليه الأثر ، وأمّا الحكم بالصحة وأن الفاقد صحيح فلا يستفاد من الرفع ، فلو نسي الصائم وشرب أو أكل يحكم بأنه لم يرتكب معصية ولم يترتب على شربه إذا نسيه الكفارة ، وأمّا كون الصوم صحيحاً فلا يتكفله حديث الرفع ، بل يحتاج إلى الدليل ، فلو لم يكن دليل خارجي على الصحة والاكتفاء به لكان مقتضى القاعدة عدم الاكتفاء لمخالفته للمأمور به ، وأمّا حديث الرفع فيرفع العقاب والآثار المترتبة على الفعل كالكفارة ونحوها ولا يثبت صحة العمل المأتي به وتمام الكلام في محله (٣). مضافاً إلى أنّ النص دلّ على الفساد والتدارك كما عرفت.
__________________
(١) في ص ٣٢١.
(٢) الوسائل ١٤ : ٢٦٥ / أبواب العود إلى منى ب ٥ ح ٢.
(٣) مصباح الأُصول ٢ : ٤٦٢.