.................................................................................................
______________________________________________________
ثانيهما : احتمال البقاء على إحرامه ، لأن أدلّة الصد لا تشمل المورد ، لاختصاصها بالصد عن أركان الحج ، نقل ذلك عن المسالك والمدارك وغيرهما (١) ولكن شيخنا النائيني (٢) حكى عنهم بأنه يبقى على إحرامه إلى أن يتحلل بمحلله وليس في كلامهم ما يدل على هذا التقييد ، بل مقتضى كلامهم أنه يبقى على إحرامه إلى الآخر وإلى متى شاء.
والظاهر أن كلا القولين ضعيف والوجه في ذلك : أن وجوب الرمي والذبح والحلق قد يفرض أن وجوبها وجوب مطلق ، بمعنى أن صحة الطواف والسعي مشروطة بوقوعهما بعد أعمال منى الثلاثة ، ولا يصح الطواف أو السعي بدون الإتيان بتلك الأعمال ، فحينئذ يكون الصد عن أعمال منى صداً عن الطواف أيضاً ، لعدم تمكنه من الطواف المأمور به الصحيح ، فان الصد عن المقدمة صدّ عن ذي المقدمة ، فإن الشرطية المطلقة تقتضي تحقق الصد بالنسبة إلى الطواف حقيقة فكيف يقال بأنه غير داخل في الصد مع أنه غير متمكن من الطواف فلا يحتمل بقاؤه على إحرامه.
وأمّا إذا فرضنا أن شرطية التقدم شرط اختياري ، بمعنى سقوط شرطية التقدم عند العجز وعدم التمكن كما هو المختار ، فلا يتحقق الصد ، بل يودع ثمن الهدي عند مَن يثق به ليشتري به الهدي ، وإن لم يتمكّن من ذلك فينتهي الأمر إلى الصوم ، فعدم القدرة لا يكون مانعاً من الطواف.
وأمّا الحلق فإنما يجب مع التمكن وإلّا فيسقط كما يستظهر ذلك من سقوطه في فرض النسيان أو الجهل ، فيصح الحلق خارج منى ، فيعلم أن وجوب الحلق في منى مقيد بالقدرة عليه في منى وإلّا فيسقط وجوبه.
وأمّا الرمي فإذا لم يرم نسياناً وتذكر في مكة وأمكنه الرجوع يرجع ويرمي ، وإن تذكر في طريقه إلى بلاده فليس عليه شيء ، ولو كان متمكناً من الرجوع فعدم الرمي لا يكون مانعاً عن الطواف وكذا عدم الذبح ، بل يودع ثمنه عند من يشتري الهدي
__________________
(١) الجواهر ٢٠ : ١٢٦.
(٢) لاحظ دليل الناسك (المتن) : ٤٨١.