وهي (١) موضوعة لفردين منها (٢) أو معنيين كما هو أوضح من أن يخفى (وهم ودفع)
لعلّك تتوهم (٣) أنّ الأخبار الدالة على أنّ للقرآن بطوناً سبعة أو سبعين تدل على وقوع استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد فضلا
______________________________________________________
(١) أي : التثنية ، وهي من باب المثال ، وإلّا فالجمع أيضا كذلك.
(٢) أي ـ من الطبيعة ـ.
(٣) محصل هذا التوهم : أنّ ما تقدم في وجه امتناع استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد يُنافي ما دلّ من الروايات على أنّ للقرآن بطوناً سبعة أو سبعين بطناً. وجه المنافاة : دلالة تلك الروايات على وقوع استعمال اللفظ في تلك البطون ، وليس ذلك إلّا من باب استعمال اللفظ في أكثر من معنى ، ومن المعلوم : منافاة الوقوع للامتناع العقلي.
__________________
سواء أكان المصداقان من مصاديق ماهيتين كالأبيضين ـ لإنسان وفرس ـ حيث إنّ الجامع بينهما في نظر الواضع هو البياض من دون نظر إلى متعلقه من حيث تعدد الماهية ووحدتها ، أم من مصاديق ماهية واحدة كقولك : ـ الأبيضان لإنسانين ـ ولمّا كان المراد بالمفرد جنساً واحداً وجامعاً فارداً مشتركاً بين الأفراد ، فعلامة التثنية تحدِّد مصاديق ذلك الجنس بفردين ، وهذا هو المتبادر من علامة التثنية.
وربما يدل عليه ما عن ابن الحاجب : «المثنى ما أُلحق آخره ألف أو ياء مفتوح ما قبلها ونون مكسورة ليدل على أنّ معه مثله من جنسه» أقول : وفسّر الشارح الرضي : الجنس بمعنى جامع صالح لأن ينطبق على أكثر من فرد واحد. وبالجملة : فعلامة التثنية ليست بمنزلة تكرار اللفظ في إرادة معنيين من لفظين ، بل وضعت لإرادة المتعدد من أفراد المعنى الّذي أُريد من المفرد ، ففرق واضح بين قوله : «جئني بعين وعين» وبين «جئني بعينين» ، حيث إنّه يصح إرادة معنيين في الأوّل دون الثاني.