الحقيقة لا يبقى مجال لاستعلام حال الاستعمال بالاطراد أو بغيره.
(الثامن) أنّه للفظ أحوال خمسة ، وهي : التجوز والاشتراك والتخصيص والنقل والإضمار ، لا يكاد يصار إلى أحدها ، فيما إذا دار الأمر بينه (١) وبين المعنى الحقيقي إلّا بقرينة صارفة عنه إليه (٢) ، وأمّا إذا دار الأمر بينها (٣) فالأُصوليون وان ذكروا لترجيح بعضها على بعض وجوهاً (٤) ، إلا
______________________________________________________
(١) أي : بين أحد الأحوال الخمسة وبين المعنى الحقيقي.
(٢) أي : عن المعنى الحقيقي إلى أحد الأحوال الخمسة ، فضمير ـ عنه ـ راجع إلى المعنى الحقيقي ، والوجه في تعين الحمل على المعنى الحقيقي في صورة عدم القرينة الصارفة هو : أصالة الحقيقة التي لا يعدل عنها إلّا بها.
(٣) أي : بين الأحوال الخمسة في أنفسها ، لا بينها وبين المعنى الحقيقي.
(٤) كترجيح المجاز على الاشتراك ، لكثرته وتوسع بابه في الكلام دونه ، لتيسر مراعاة الجهات الفصاحية والبلاغية والبديعية مع المجاز دون الحقيقة ،
__________________
عدم ترتب ثمرة عملية على العلم بالحقائق حتى يتشبث في إثباته بإحدى العلائم المتقدمة. (وتوهم) أنّ الثمرة المترتبة عليه هي ظهور الألفاظ الواقعة في الكتاب والسنة ، كلفظ الظاهر والباطن والصعيد وغيرها مما أُخذ موضوعاً للأحكام الشرعية في معانيها مع العلم بالأوضاع ، فتحمل الألفاظ عليها ، وإجمالها مع الجهل بها ، فينسد باب الاستنباط حينئذٍ (فاسد) ، لعدم حاجة إلى معرفة المعنى الحقيقي حتى في هذه الألفاظ أيضا ، ضرورة أنّها بين ما لَها قدر متيقن ، وبين ما يظهر المراد منها بمعونة الروايات ، وعلى التقديرين لا حاجة إلى العلم بالوضع ، لوضوح الأمر في الثاني ، ولزوم الأخذ بالمتيقن في الأوّل ، وإجراء الأصل في المشكوك فيه ، فتدبر.