أوجدهما الله تعالى (قلم اينجا رسيد وسر بشكست). قد انتهى الكلام في المقام
______________________________________________________
.................................................................................................
______________________________________________________
بطن أُمّه أنّه سيعمل أعمال السعداء» الحديث (١).
وأمّا الخبر الثاني ، فالظاهر منه هو تنزيل الناس منزلة المعادن في أنّه كما تكون المعادن من حيث المالية والجهات الموجبة لتنافس الخلق وتزاحمهم عليها مختلفة جداً ومتفاوتة جزماً ، كذلك الناس ، فإنّهم في الأخلاق والصفات متفاوتون كتفاوت المعادن فيما عرفت ، فلا دلالة في هذا الخبر على كون السعادة والشقاوة ذاتيتين بمعنى العلّة التامة كما هو قضية الجبر ، ولو سلمنا دلالة الخبر على كونهما ذاتيتين ، فالمتيقن منه ذاتيتهما بنحو الاقتضاء لا العلية التامة ، وقد مر : أنّ مجرّد الاقتضاء لا يثبت الجبر ، ولو سلم ظهور هذا الخبر أو غيره من الروايات في كون السعادة والشقاوة ذاتيتين بمعنى العلة التامة فلا سبيل إلى حجيته ، لعدم مكافأته للضرورة العقلية التي هي كالقرينة المتصلة ، وللآيات والروايات المتواترة بل المتجاوزة عن حد التواتر النافية للجبر ، فلا محيص عن التأويل أو الحمل على التقية ، لما قيل : «من أنّ الجبر أشهر مذاهب العامة» ، أو الطرح.
فتلخص مما ذكرنا : عدم لزوم الجبر من ناحية ذاتية السعادة والشقاوة.
وأمّا من ناحية الإرادة ، فإن أُريد بها إرادته تعالى شأنه ، فقد عرفت أنّ المراد بها هو علمه باشتمال فعل العبد الصادر عنه باختياره على المصلحة ، لا مطلقاً ولو صدر عنه قهراً ، ومن المعلوم أنّ هذه الإرادة لا توجب الجبر. وإن أُريد بها إرادته تعالى التي تنتهي إليها الممكنات ، فلا تستلزم الجبر أيضا ، وتوضيحه يتوقف على بيان مقدمة ذكرها بعض المحققين (قده) وهي : «أنّ الفاعل ينقسم
__________________
(١) البحار ـ ج ٣ ـ باب السعادة والشقاوة.